للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ النَّبِيِّينَ لِلْبَيَانِ، لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ مُنْعَمٌ عَلَيْهِمْ ومِنَ الثَّانِيَةُ لِلتَّبْعِيضِ، وَكَانَ إِدْرِيسُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ لِقُرْبِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ جَدُّ أَبِي نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمُ مِنْ ذُرِّيَّةِ مَنْ حُمِلَ مَعَ نُوحٍ، لِأَنَّهُ مِنْ وَلَدِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ إِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ وَيَعْقُوبُ وَإِسْرَائِيلُ مَعْطُوفٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَمُوسَى وَهَارُونُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَكَذَلِكَ عِيسَى لِأَنَّ مَرْيَمَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ.

وَمِمَّنْ هَدَيْنا يَحْتَمِلُ الْعَطْفُ عَلَى مِنَ الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ خَبَرٌ لِأُولَئِكَ. وإِذا تُتْلى كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ صِفَةً لِأُولَئِكَ وَالْجُمْلَةَ الشَّرْطِيَّةَ خَبَرٌ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تُتْلى بِتَاءِ التَّأْنِيثِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَشِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو حَيْوَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْعِجْلِيُّ عَنْ حَمْزَةَ وَقُتَيْبَةُ فِي رِوَايَةٍ وَوَرْشٌ فِي رِوَايَةِ النَّحَّاسِ، وَابْنُ ذَكْوَانَ في روايد التَّغْلِبِيِّ بِالْيَاءِ. وَانْتَصَبَ سُجَّداً عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ قَالَهُ الزَّجَّاجُ لِأَنَّهُ حَالَ خُرُورِهِ لَا يَكُونُ سَاجِدًا، وَالْبُكِيُّ جَمْعُ بَاكٍ كَشَاهِدٍ وَشُهُودٍ، وَلَا يُحْفَظُ فِيهِ جَمْعُهُ الْمَقِيسُ وَهُوَ فُعَلَةٌ كَرَامٍ وَرُمَاةٍ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بُكِيًّا بِضَمِّ الْبَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَيَحْيَى وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِهَا إِتْبَاعًا لِحَرَكَةِ الْكَافِ كَعِصِيٍّ وَدِلِيٍّ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ جَمَعَ لِمُنَاسَبَةِ الْجَمْعِ قَبْلَهُ.

قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرُ البكا بمعنى بكاء، وأصله بكو وكجلس جُلُوسًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وبُكِيًّا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ لِأَنَّ إِتْبَاعَ حَرَكَةِ الْكَافِ لَا تُعَيِّنُ الْمَصْدَرِيَّةَ، أَلَا تراهم قرؤوا جِثِيًّا بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَاثٍ، وَقَالُوا عِصِيٌّ فَأَتْبَعُوا.

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا.

نَزَلَ فَخَلَفَ فِي الْيَهُودِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٍ، وَفِيهِمْ وَفِي النَّصَارَى عَنِ السُّدِّيِّ، وَفِي قَوْمٍ مِنْ أُمَّةِ الرَّسُولِ يَأْتُونَ عِنْدَ ذَهَابِ صَالِحِيهَا يَتَبَارَزُونَ بِالزِّنَا يَنْزُو فِي الْأَزِقَّةِ بَعْضُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>