وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرِّئْيُ الْمَنْظَرُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ صُوَرًا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَطَلْحَةُ فِي رِوَايَةِ الْهَمْدَانِيِّ وَأَيُّوبُ وَابْنُ سَعْدَانَ وَابْنُ ذَكْوَانَ وَقَالُونُ وَرِيًّا بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَهْمُوزَ الْأَصْلِ مِنَ الرِّوَاءِ وَالْمَنْظَرِ سُهِّلَتْ هَمْزَتُهُ بِإِبْدَالِهَا يَاءً ثُمَّ أُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّيِّ ضِدِّ الْعَطَشِ لِأَنَّ الرَّيَّانَ مِنَ الْمَاءِ لَهُ مِنَ الْحُسْنِ وَالنَّضَارَةِ مَا يُسْتَحَبُّ ويستحن، كماله مَنْظَرٌ حَسَنٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِمَّا يُرَى وَيُقَابَلُ.
وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَاصِمٍ وحميد وَرِءْياً بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَهُوَ عَلَى الْقَلْبِ وَوَزْنُهُ فِلْعًا، وَكَأَنَّهُ مِنْ رَاءَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكُلُّ خَلِيلٍ رَآنِي فَهُوَ قَائِلٌ ... مِنْ أجل هَذَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غد
وقرىء وَرِيَاءً بِيَاءٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ، حَكَاهَا الْيَزِيدِيُّ وَأَصْلُهُ وَرِئَاءً مِنَ الْمُرَاءَاةِ أَيْ يُرِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حُسْنَهُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِيمَا رَوَى عَنْهُ طَلْحَةُ وَرِيًا مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ وَلَا تَشْدِيدٍ، فَتَجَاسَرَ بَعْضُ النَّاسِ وَقَالَ هِيَ لَحْنٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهَا تَوْجِيهٌ بِأَنْ تَكُونَ مِنَ الرواء، وقلب فصار وَرِءْياً ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إِلَى الْيَاءِ وَحُذِفَتْ، أَوْ بِأَنْ تَكُونَ مِنَ الرِّيِّ وَحُذِفَتْ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ تَخْفِيفًا كَمَا حُذِفَتْ فِي لَا سِيَّمَا، وَالْمَحْذُوفَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا لَامُ الْكَلِمَةِ لِأَنَّ النَّقْلَ إِنَّمَا حَصَلَ لِلْكَلِمَةِ بِانْضِمَامِهَا إِلَى الْأُولَى فَهِيَ أَوْلَى بِالْحَذْفِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَابْنُ جُبَيْرٍ وَيَزِيدُ الْبَرْبَرِيُّ وَالْأَعْسَمُ الْمَكِّيُّ وَزِيًّا بِالزَّايِ مُشَدِّدَ الْيَاءِ وَهِيَ الْبِزَّةُ الْحَسَنَةُ، وَالْآلَاتُ الْمُجْتَمِعَةُ الْمُسْتَحْسَنَةُ.
قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَداً أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا.
فَلْيَمْدُدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُ عَلَى مَعْنَاهُ مِنَ الطَّلَبِ وَيَكُونُ دُعَاءً، وَكَانَ الْمَعْنَى الْأَضَلُّ مِنَّا وَمِنْكُمْ مَدَّ اللَّهُ لَهُ، أَيْ أَمْلَى لَهُ حَتَّى يؤول إِلَى عَذَابِهِ. وَكَان الدُّعَاءُ عَلَى صِيغَةِ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا فِي الْمَعْنَى وَصُورَتُهُ صُورَةُ الْأَمْرِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ:
مَنْ كَانَ ضَالًّا مِنَ الْأُمَمِ فَعَادَةُ اللَّهِ لَهُ أَنَّهُ يَمْدُدُ لَهُ وَلَا يُعَاجِلُهُ حَتَّى يُفْضِيَ ذَلِكَ إِلَى عَذَابِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute