الْمُهْتَدِينَ هِدَايَةً بِتَوْفِيقِهِ انْتَهَى. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَيَزِيدُ مَعْطُوفًا عَلَى مَوْضِعِ فَلْيَمْدُدْ سَوَاءٌ كَانَ دُعَاءً أَمْ خَبَرًا بِصُورَةِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ إِنْ كَانَتْ مَنْ مَوْصُولَةً أَوْ فِي مَوْضِعِ الْجَوَابِ إِنْ كَانَتْ مَنْ شَرْطِيَّةً، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً عَارِيَةٌ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى مَنْ يَرْبِطُ جُمْلَةَ الْخَبَرِ بِالْمُبْتَدَأِ أَوْ جُمْلَةَ الشَّرْطِ بِالْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ فَلْيَمْدُدْ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْخَبَرِ خَبَرٌ، وَالْمَعْطُوفَ عَلَى جُمْلَةِ الْجَزَاءِ جَزَاءٌ، وَإِذَا كَانَتْ أَدَاةُ الشَّرْطِ اسْمًا لَا ظَرْفًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِي جُمْلَةِ الْجَزَاءِ ضَمِيرُهُ أَوْ ما يقول مَقَامَهُ، وَكَذَا فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَيْهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ خَيْرٌ ثَواباً مِنْ مُفَاخَرَاتِ الْكُفَّارِ وَخَيْرٌ مَرَدًّا أَيْ وَخَيْرٌ مَرْجِعًا وَعَاقِبَةً أَوْ مَنْفَعَةً مِنْ قَوْلِهِمْ لَيْسَ لِهَذَا الْأَمْرِ مَرَدٌّ وَهَلْ يَرِدُ مَكَانِي زَيْدًا. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ قِيلَ خَيْرٌ ثَوَابًا كَانَ لِمُفَاخَرَاتِهِمْ ثوابا حَتَّى يُجْعَلَ ثَوَابُ الصَّالِحَاتِ خَيْرًا مِنْهُ؟ قُلْتُ: كَأَنَّهُ قِيلَ ثَوَابُهُمُ النَّارُ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ فَأُعْتِبُوا بِالصَّيْلَمِ. وقوله:
شجعاء جربها الذَّمِيلُ تَلُوكُهُ ... أُصُلًا إِذَا رَاحَ الْمَطِيُّ غِرَاثَا
وَقَوْلِهِ:
تحية بينهم ضرب وجيع ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ ثَوَابًا وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ التَّهَكُّمِ الَّذِي هُوَ أَغْيَظُ لِلْمُتَهَدِّدِ مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهُ عِقَابُكَ النَّارُ. فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا وَجْهُ التَّفْضِيلِ فِي الْخَبَرِ كَانَ لِمَفَاخِرِهِمْ شُرَكَاءُ فِيهِ؟ قُلْتُ: هَذَا مِنْ وَجِيزِ كَلَامِهِمْ يَقُولُونَ: الصَّيْفُ أَحَرُّ مِنَ الشِّتَاءِ أَيْ أَبْلَغُ فِي حَرِّهِ مِنَ الشِّتَاءِ فِي بَرْدِهِ انْتَهَى.
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا نَزَلَتْ فِي الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ عَمِلَ لَهُ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ عَمَلًا وَكَانَ قَيْنًا، فَاجْتَمَعَ لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ فَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: لَا أُنْصِفُكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقَالَ خَبَّابٌ: لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ وَيَبْعَثَكَ. فَقَالَ الْعَاصِي: أو مبعوث أَنَا بَعْدَ الْمَوْتِ؟
فَقَالَ خباب: نعم، قال: فائت إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَسَيَكُونُ لِي مَالٌ وَوَلَدٌ وَعِنْدَ ذَلِكَ أَقْضِيكَ دَيْنَكَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَقَدْ كَانَتْ لِلْوَلِيدِ أَيْضًا أَقْوَالٌ تُشْبِهُ هَذَا الْغَرَضَ، وَلَمَّا كَانَتْ رُؤْيَةُ الْأَشْيَاءِ سَبِيلًا إِلَى الْإِحَاطَةِ بِهَا وَصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْهَا اسْتَعْمَلُوا أَرَأَيْتَ بِمَعْنَى أَخْبَرَ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ أَفَادَتِ التَّعْقِيبَ كَأَنَّهُ قِيلَ: أَخْبَرَ أَيْضًا بِقِصَّةِ هَذَا الْكَافِرِ عَقِيبَ قِصَّةِ أُولَئِكَ، وَالْآيَاتُ: الْقُرْآنُ وَالدَّلَالَاتُ عَلَى الْبَعْثِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلَداً أَرْبَعَتُهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute