قوله بِيَمِينِكَ بقوله أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ إِلَى آخِرِهِ انْتَهَى. وَفِي التَّحْقِيقِ لَيْسَ قَوْلُهُ بِيَمِينِكَ بِسُؤَالٍ وَقَدَّمَ فِي الْجَوَابِ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ في قوله أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها ثُمَّ ثَنَّى بِمَصْلَحَةِ رَعِيَّتِهِ فِي قَوْلِهِ وَأَهُشُّ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَأَهُشُّ بِضَمِّ الْهَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالنَّخَعِيُّ بِكَسْرِهَا كَذَا ذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَهِيَ بِمَعْنَى الْمَضْمُومَةِ الْهَاءِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْوَرِقُ. قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: وَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَشَّ يَهُشُّ هَشَاشَةً إِذَا مَالَ، أَيْ أَمِيلُ بِهَا عَلَى غَنَمِي بِمَا أُصْلِحُهَا مِنَ السَّوْقِ وَتَكْسِيرِ الْعَلَفِ وَنَحْوِهِمَا، يُقَالُ مِنْهُ: هَشَّ الْوَرَقُ وَالْكَلَأُ وَالنَّبَاتُ إِذَا جَفَّ وَلَانَ انْتَهَى. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: وَأَهُسُّ بِضَمِّ الْهَاءِ وَالسِّينِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، وَالْهَسُّ السَّوْقُ وَمِنْ ذَلِكَ الْهَسُّ وَالْهَسَّاسُ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ فِي الصِّفَاتِ. وَنَقَلَ ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ وَأَهُسُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنْ أَهَسَّ رُبَاعِيًّا وَذَكَرَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَأَهُشُّ بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِ الشِّينِ قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعَامَّةِ لَكِنْ فَرَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ مِنَ التَّضْعِيفِ لِأَنَّ الشِّينَ فِيهِ تَفَشٍّ فَاسْتَثْقَلَ الْجَمْعَ بَيْنَ التَّضْعِيفِ وَالتَّفَشِّي. فَيَكُونُ كَتَخْفِيفِ ظَلْتَ وَنَحْوِهِ. وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ وَأَهُشُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ أَهَشَّ رُبَاعِيًّا قَالَ: وَكِلَاهُمَا مِنْ هَشَّ الْخُبْزُ يَهِشُّ إِذَا كَانَ يَتَكَسَّرُ لِهَشَاشَتِهِ. ذَكَرَ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالْإِجْمَالِ الْمَنَافِعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَصَا كَأَنَّهُ أَحَسَّ بِمَا يَعْقُبُ هَذَا السُّؤَالَ مِنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ مَا هِيَ إِلَّا عَصًا لَا تَنْفَعُ إِلَّا مَنَافِعَ بَنَاتِ جِنْسِهَا كَمَا يَنْفَعُ الْعِيدَانُ لِيَكُونَ جَوَابُهُ مُطَابِقًا لِلْغَرَضِ الَّذِي فَهِمَهُ مِنْ فَحْوَى كَلَامِ رَبِّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعَدِّدَ الْمَرَافِقَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي عَلَّقَهَا بِالْعَصَا وَيَسْتَكْثِرُهَا وَيَسْتَعْظِمُهَا ثُمَّ يُرِيَهُ عَلَى عَقِبِ ذَلِكَ الْآيَةِ الْعَظِيمَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ الْعُظْمَى وَالْمَأْرَبَةِ الْكُبْرَى الْمَنْسِيَّةُ عِنْدَهَا كُلُّ مَنْفَعَةٍ وَمَأْرَبَةٍ. كُنْتَ تَعْتَدُّ بِهَا وَتَحْتَفِلُ بِشَأْنِهَا وَقَالُوا اسْمُ الْعَصَا نَبْعَةٌ انْتَهَى.
وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ غَنَمِي بِسُكُونِ النُّونِ وَفِرْقَةٌ عَلَى غَنَمِي بِإِيقَاعِ الْفِعْلِ عَلَى الْغَنَمِ.
وَالْمَآرِبُ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ شُعْبَتَيْنِ وَمِحْجَنٍ فَإِذَا طَالَ الْغُصْنُ حَنَاهُ بِالْمِحْجَنِ، وَإِذَا طَلَبَ كَسْرَهُ لَوَاهُ بِالشُّعْبَتَيْنِ، وَإِذَا سَارَ أَلْقَاهَا عَلَى عَاتِقِهِ فَعَلَّقَ بِهَا أَدَوَاتِهِ مِنَ الْقَوْسِ وَالْكِنَانَةِ وَالْحِلَابِ، وَإِذَا كَانَ فِي الْبَرِّيَّةِ رَكَّزَهَا وَعَرَّضَ الزَّنْدَيْنِ عَلَى شُعْبَتَيْهَا وَأَلْقَى عَلَيْهَا الْكِسَاءَ وَاسْتَظَلَّ، وَإِذَا قَصُرَ رِشَاؤُهُ وَصَلَ بِهَا وَكَانَ يُقَاتِلُ بِهَا السِّبَاعَ عَنْ غَنَمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute