الْمَوْقِفِ تَزْفَرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى نَبِيٌّ وَلَا مَلِكٌ إِلَّا جَثَا عَلَى ركبتيه والْفَزَعُ الْأَكْبَرُ عَامٌّ فِي كُلِّ هَوْلٍ يَكُونُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَكَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِجُمْلَتِهِ هُوَ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَإِنْ خُصِّصَ بِشَيْءٍ فَيَجِبُ أن يقصد لا عظم هُوَ لَهُ انْتَهَى. وَقِيلَ: الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وُقُوعُ طَبَقِ جَهَنَّمَ عَلَيْهَا قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقِيلَ: النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ. وَقِيلَ: الْأَمْرُ بِأَهْلِ النَّارِ إِلَى النَّارِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَسَنِ. وَقِيلَ: ذَبْحُ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: إذا نودي اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ «١» وَقِيلَ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ ذَكَرَهُ مَكِّيٌّ.
وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالرَّحْمَةِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْقُبُورِ قَائِلِينَ لَهُمْ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ بِالْكَرَامَةِ وَالثَّوَابِ وَالنَّعِيمِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَحْزُنُهُمُ مُضَارِعُ أَحْزَنَ وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَحَزِنَ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَالْعَامِلُ فِي يوم لا يَحْزُنُهُمُ وتَتَلَقَّاهُمُ وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْعَائِدِ الْمَحْذُوفِ فِي تُوعَدُونَ فَالْعَامِلُ فِيهِ تُوعَدُونَ أَيْ أَيُوعَدُونَهُ أَوْ مَفْعُولًا بِاذْكُرْ أَوْ مَنْصُوبًا بِأَعْنِي. وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ الْفَزَعُ وَلَيْسَ بِجَائِزٍ لِأَنَّ الْفَزَعُ مَصْدَرٌ وَقَدْ وُصِفَ قَبْلَ أَخْذِ مَعْمُولِهِ فَلَا يَجُوزُ مَا ذُكِرَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ نَطْوِي بِنُونِ الْعَظَمَةِ. وَفِرْقَةٌ مِنْهُمْ شَيْبَةُ بْنُ نَصَّاحٍ يَطْوِي بِيَاءٍ أَيِ اللَّهُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ وَفِرْقَةٌ بِالتَّاءِ مَضْمُومَةً وَفَتْحِ الْوَاوِ والسَّماءَ رَفْعًا وَالْجُمْهُورُ السِّجِلِّ عَلَى وَزْنِ الطِّمِرِّ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَصَاحِبُهُ وَأَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ بِضَمَّتَيْنِ وَشَدِّ اللَّامِ، وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَأَبُو السِّمَاكِ السِّجِلِّ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْحَسَنُ وَعِيسَى بِكَسْرِهِمَا، وَالْجِيمُ فِي هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ سَاكِنَةٌ وَاللَّامِ مُخَفَّفَةٌ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقِرَاءَةُ أَهْلِ مَكَّةَ مِثْلُ قِرَاءَةِ الْحَسَنِ. وَقَالَ مُجَاهِد السِّجِلِّ الصَّحِيفَةُ. وَقِيلَ: هُوَ مَخْصُوصٌ مِنَ الصُّحُفِ بِصَحِيفَةِ الْعَهْدِ، وَالْمَعْنَى طَيًّا مِثْلَ طَيِّ السِّجِلِّ، وَطَيٌّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ لِيُكْتَبَ فِيهِ أَوْ لِمَا يُكْتَبُ فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ، وَالْأَصْلُ كَطَيِّ الطَّاوِي السِّجِلِّ فَحَذَفَ الْفَاعِلَ وَحَذْفُهُ يَجُوزُ مَعَ الْمَصْدَرِ الْمُنْحَلِّ لِحَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ، وَالْفِعْلِ، وَقَدَرَّهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَيْ كَمَا يُطْوَى السِّجِلُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ السِّجِلِّ مَلَكٌ يَطْوِي كُتُبَ بَنِي آدَمَ إِذَا رُفِعَتْ إِلَيْهِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هُوَ كَاتِبٌ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ. وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ انْتَهَى. وقيل:
(١) سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٠٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute