للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَسْرِ الذَّالِ وَضَمِّهَا، وَعَلَى ذَبَّ وَالْمِذَبَّةُ مَا يُطْرَدُ بِهِ الذُّبَابُ، وَذُبَابُ السَّيْفِ طَرَفُهُ وَالْعَيْنِ إِنْسَانُهَا، وَأَسْنَانُ الْإِبِلِ. سَلَبْتُ الشَّيْءَ: اخْتَطَفْتُهُ بِسُرْعَةٍ. اسْتَنْقَذَ: اسْتَفْعَلَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ أَيْ أَنْقَذَ نَحْوَ أَبَلَّ وَاسْتَبَلَّ.

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ.

رُوِيَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا كَثُرُوا بِمَكَّةَ أَذَاهُمُ الْكُفَّارُ وَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، أَرَادَ بَعْضُ مُؤْمِنِي مَكَّةَ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ أَمْكَنَهُ مِنَ الْكُفَّارِ وَيَحْتَالُ وَيَغْدِرُ، فَنَزَلَتْ إِلَى قَوْلِهِ كَفُورٍ وَعْدٌ فِيهَا بِالْمُدَافَعَةِ وَنَهَى عَنِ الْخِيَانَةِ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدَّفْعِ عَنْهُمْ وَالنُّصْرَةِ لَهُمْ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يُحِبُّ أَعْدَاءَهُمُ الْخَائِنِينَ اللَّهَ وَالرَّسُولَ الْكَافِرِينَ نِعَمَهُ. وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ جُمْلَةً مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ صَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَآذَوْا مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ مُبَشِّرَةً الْمُؤْمِنِينَ بِدَفْعِهِ تَعَالَى عَنْهُمْ وَمُشِيرَةً إِلَى نَصْرِهِمْ وَإِذْنِهِ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ وَتَمْكِينِهِمْ فِي الْأَرْضِ يردهم إِلَى دِيَارِهِمْ وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَأَنَّ عَاقِبَةَ الْأُمُورِ رَاجِعَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى:

وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «١» .

وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ يُدافِعُ وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ يَدْفَعُ وَلَوْلا دَفْعُ وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْنُ عَامِرٍ يُدَافِعُ وَلَوْلا دَفْعُ وَفَاعِلٌ هُنَا بِمَعْنَى الْمُجَرَّدِ نَحْوَ جَاوَزْتُ وَجُزْتُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: دَفْعُ أَكْثَرُ مِنْ دَافَعَ. وَحَكَى الزَّهْرَاوِيُّ أَنَّ دِفَاعًا مَصْدَرُ دَفَعَ كَحَسَبَ حِسَابًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَحْسُنُ يُدافِعُ لِأَنَّهُ قَدْ عَنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَدْفَعُهُمْ وَيُؤْذِيهِمْ فَتَجِيءُ مُقَاوَمَتُهُ، وَدَفْعُهُ مُدَافَعَةً عَنْهُمْ انْتَهَى. يَعْنِي فَيَكُونُ فاعل لاقتسام الفاعلية


(١) سورة الأعراف: ٧/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>