يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قُلْتَ قَامَ إِلَّا زَيْدٌ، وَلْيَضْرِبْ إلّا عمرو لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ قُلْتَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ أَخْرَجَ النَّاسَ مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَّا بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا هَذَا إِذَا تَخَيَّلَ أَنْ يَكُونَ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بَدَلًا مِنْ غَيْرِ الْمُضَافِ إِلَى حَقٍّ وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ حَقٍّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ يَكُونَ البدل يلي غيرا فَيَصِيرُ التَّرْكِيبُ بِغَيْرِ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا وَهَذَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قُدِّرَتْ إِلَّا بِغَيْرُ كَمَا يُقَّدَرُ فِي النَّفْيِ فِي مَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ إِلَّا زَيْدٍ فَتَجْعَلُهُ بَدَلًا لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّرْكِيبُ بِغَيْرُ غَيْرَ قَوْلِهِمْ رَبُّنَا اللَّهُ فَتَكُونُ قَدْ أَضَفْتَ غَيْرًا إِلَى غَيْرٍ وَهِيَ هِيَ فَصَارَ بِغَيْرِ غَيْرٍ، وَيَصِحُّ فِي مَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ إِلَّا زَيْدٍ أَنْ تَقُولَ: مَا مَرَرْتُ بِغَيْرِ زَيْدٍ، ثُمَّ إِنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ حِينَ مَثَّلَ الْبَدَلَ قَدَّرَهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ سِوَى التَّوْحِيدِ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِلصِّفَةِ جَعَلَ إِلَّا بِمَعْنَى سِوَى، وَيَصِحُّ عَلَى الصِّفَةِ فَالْتَبَسَ عَلَيْهِ بَابُ الصِّفَةِ بِبَابِ الْبَدَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ إِلَّا زَيْدٍ عَلَى الصِّفَةِ لَا عَلَى الْبَدَلِ.
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ الْآيَةُ فِيهَا تَحْرِيضٌ عَلَى الْقِتَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ قَبْلُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِذَلِكَ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ بِأَنْ يَنْتَظِمَ بِهِ الْأَمْرُ وَتَقُومَ الشَّرَائِعُ وَتُصَانَ الْمُتَعَبَّدَاتُ مِنَ الْهَدْمِ وَأَهْلُهَا مِنَ الْقَتْلِ وَالشَّتَاتِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ قِيلَ: فَلْيُقَاتِلِ الْمُؤْمِنُونَ، فَلَوْلَا الْقِتَالُ لَتَغَلَّبَ عَلَى الْحَقِّ فِي كُلِّ أُمَّةٍ وَانْظُرْ إِلَى مَجِيءِ قوله وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ إِثْرَ قِتَالِ طَالُوتَ لِجَالُوتَ، وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ.
وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ الدَّفْعُ فَسَدَتِ الْأَرْضُ فَكَذَلِكَ هُنَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الْكُفَّارَ عَنِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ،
وَأَخَذَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَوْلَ عَلِيٍّ وَحَسَّنَهُ وَذَيَلَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: دَفْعُ اللَّهِ بَعْضَ النَّاسِ بِبَعْضٍ إِظْهَارُهُ وَتَسْلِيطُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ عَلَى الْكَافِرِينَ بِالْمُجَاهَدَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاسْتَوْلَى الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي أَزْمِنَتِهِمْ وَعَلَى مُتَعَبَّدَاتِهِمْ فَهَدَمُوهَا وَلَمْ يَتْرُكُوا لِلنَّصَارَى بِيَعًا وَلَا لِرُهْبَانِهِمْ صَوَامِعَ، وَلَا لِلْيَهُودِ صَلَوَاتٍ، وَلَا لِلْمُسْلِمِينَ مَسَاجِدَ، وَلَغَلَبَ الْمُشْرِكُونَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ فِي ذِمَّتِهِمْ، وَهَدَمُوا مُتَعَبَّدَاتِ الْفَرِيقَيْنِ انْتَهَى.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ ظُلْمَ قَوْمٍ بِشَهَادَاتِ الْعُدُولِ وَنَحْوِ هَذَا. وَقَالَ قَوْمٌ دَفْعُ ظُلْمَ الظَّلَمَةِ بِعَدْلِ الْوُلَاةِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ دَفْعُ الْعَذَابَ بِدُعَاءِ الْأَخْيَارِ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute