بِالسَّاعَةِ
انْتَهَى. وَلَا يَرُدُّهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بِهِ مُتَمَكِّنٌ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْهُمْ يَقُولُ: بَلْ أَتَى بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ تَكْذِيبُهُمْ بِالسَّاعَةِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَيَجْعَلْ بِالْجَزْمِ قَالُوا عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ جَعَلَ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إِنْ يَشَأْ يَجْعَلْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا أُدْغِمَتْ لَامُهُ فِي لَامِ لَكَ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ مَذْهَبِ أَبِي عَمْرٍو وَالَّذِي قَرَأَ بِالْجَزْمِ مِنَ السَّبْعَةِ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو، وَلَيْسَ مِنْ مَذْهَبِ الثَّلَاثَةِ إِدْغَامُ الْمِثْلَيْنِ إِذَا تَحَرَّكَ أَوَّلُهُمَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي عمر وكما ذَكَرْنَا. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَحُمَيْدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَحْبُوبٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِالرَّفْعِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالِاسْتِئْنَافُ وَوَجْهُهُ الْعَطْفُ عَلَى الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ جَعَلَ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ هُوَ مَوْضِعُ اسْتِئْنَافٍ. ألا ترى أن الجمل مِنَ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ قَدْ تَقَعُ مَوْقِعَ جَوَابِ الشَّرْطِ؟ وقال الحوفي من رفع جَعَلَهُ مُسْتَأْنَفًا مَنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَقُرِئَ وَيَجْعَلْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى جَعَلَ لِأَنَّ الشَّرْطَ إِذَا وَقَعَ مَاضِيًا جَازَ فِي جَوَابِهِ الْجَزْمُ وَالرَّفْعُ كَقَوْلِهِ:
وَإِنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ ... يَقُولُ لَا غَائِبٌ مَالِي وَلَا حَرَمُ
انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِعْلُ الشَّرْطِ مَاضِيًا جَازَ فِي جَوَابِهِ الرَّفْعُ لَيْسَ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ، إِذْ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ وَأَنَّ هَذَا الْمُضَارِعَ الْمَرْفُوعَ النِّيَّةُ بِهِ التَّقْدِيمُ، وَلِكَوْنِ الْجَوَابِ مَحْذُوفًا لَا يَكُونُ فِعْلُ الشَّرْطِ إِلَّا بِصِيغَةِ الْمَاضِي.
وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ وَالْمُبَرِّدُ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الْجَوَابُ وَأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْفَاءِ، وَذَهَبَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الْجَوَابُ وَلَيْسَ عَلَى حَذْفِ الْفَاءِ وَلَا عَلَى التَّقْدِيمِ، وَلَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِأَدَاةِ الشَّرْطِ تَأْثِيرٌ فِي فِعْلِ الشَّرْطِ لِكَوْنِهِ مَاضِيَ اللَّفْظِ ضَعُفَ عَنِ الْعَمَلِ فِي فِعْلِ الْجَوَابِ فَلَمْ تَعْمَلْ فِيهِ، وَبَقِيَ مَرْفُوعًا وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ فَصِيحٌ وَأَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْكَلَامِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هُوَ ضَرُورَةٌ إِذْ لَمْ يَجِئْ إِلَّا فِي الشِّعْرِ وَهُوَ عَلَى إِضْمَارِ الْفَاءِ وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَذَاهِبِ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَجْعَلْ بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ أَنْ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ هِيَ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ بِالْوَاوِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ ضَعِيفَةٌ انْتَهَى. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثِ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَإِنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ ... رَبِيعُ النَّاسِ وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ
وَنَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ ... أَجِبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
يروى بجرم نَأْخُذُ وَرَفْعِهِ وَنَصْبِهِ. بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: الْمَعْنَى مَا مَنَعَهُمْ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute