للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِيمَانِ أَكْلُكَ الطَّعَامَ وَلَا مَشْيُكَ فِي السُّوقِ، بَلْ مَنَعَهُمْ تَكْذِيبُهُمْ بِالسَّاعَةِ. وَقِيلَ: لَيْسَ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ شُبْهَةً بَلِ الْحَامِلُ عَلَى تَكْذِيبِكَ تَكْذِيبُهُمْ بِالسَّاعَةِ اسْتِثْقَالًا لِلِاسْتِعْدَادِ لَهَا. وَقِيلَ:

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِمَا يَلِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ فَكَيْفَ يَلْتَفِتُونَ إِلَى هَذَا الْجَوَابِ، وَكَيْفَ يُصَدِّقُونَ بِتَعْجِيلِ مِثْلِ مَا وَعَدَكَ فِي الْآخِرَةِ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ انْتَهَى.

وَبَلْ لِتَرْكِ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ غَيْرِ إِبْطَالٍ لِمَعْنَاهُ. وَأَخْذٍ فِي لَفْظٍ آخَرَ وَأَعْتَدْنا جَعَلْنَاهُ مُعَدًّا. سَعِيراً نَارًا كَبِيرَةَ الْإِيقَادِ. وَعَنِ الحسن: اسم من أسماء جَهَنَّمَ. إِذا رَأَتْهُمْ قِيلَ هُوَ حَقِيقَةٌ وَإِنَّ لِجَهَنَّمَ عَيْنَيْنِ وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ فَإِنْ صَحَّ كَانَ هُوَ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ. وَإِلَّا كَانَ مَجَازًا، أَيْ صَارَتْ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يَرَى الرَّائِي مِنَ الْبُعْدِ كَقَوْلِهِمْ: دُورُهُمْ تَتَرَاءَى أَيْ تَتَنَاظَرُ وَتَتَقَابَلُ، وَمِنْهُ: لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا. وَقَالَ قَوْمٌ: النَّارُ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ نَارِيٍّ يَتَكَلَّمُ وَيَرَى وَيَسْمَعُ وَيَتَغَيَّرُ وَيَزْفِرُ حَكَاهُ الْكَرْمَانِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ رَأَتْهُمْ خَزَنَتُهَا مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، قِيلَ: مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. وَقِيلَ: مِائَةُ سَنَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةٌ سَمِعُوا لَها صَوْتَ تَغَيُّظٍ لِأَنَّ التَّغَيُّظَ لَا يُسْمَعُ، وَإِذَا كَانَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَانَ الْمَعْنَى تَغَيَّظُوا وَزَفَرُوا غَضَبًا عَلَى الْكُفَّارِ وَشَهْوَةً لِلِانْتِقَامِ مِنْهُمْ. وَقِيلَ سَمِعُوا صَوْتَ لَهِيبِهَا وَاشْتِعَالِهَا وَقِيلَ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَيَا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا

وَهَذَا مُخَرَّجٌ عَلَى تَخْرِيجَيْنِ أَحَدُهُمَا الْحَذْفُ أَيْ وَمُعْتَقِلًا رُمْحًا. وَالثَّانِي تَضْمِينٌ ضَمَّنَ مُتَقَلِّدًا مَعْنَى مُتَسَلِّحًا فَكَذَلِكَ الْآيَةُ أَيْ سَمِعُوا لَها وَرَأَوْا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَعَادَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا يُنَاسِبُهُ. أَوْ ضَمَّنَ سَمِعُوا مَعْنَى أَدْرَكُوا فَيَشْمَلُ التَّغَيُّظَ وَالزَّفِيرَ. وَانْتَصَبَ مَكاناً عَلَى الظَّرْفِ أَيْ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَضِيقُ عَلَيْهِمْ ضِيقَ الزَّجِّ فِي الرُّمْحِ مُقَرَّنِينَ قُرِنَتْ أَيْدِيهِمْ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ بِالسَّلَاسِلِ. وَقِيلَ: يُقْرَنُ مَعَ كُلِّ كَافِرٍ شَيْطَانُهُ فِي سِلْسِلَةٍ وَفِي أَرْجُلِهِمُ الْأَصْفَادُ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَعُبَيْدٌ عَنْ أَبِي عمر وضيقا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:

وَقَرَأَ أَبُو شَيْبَةَ صَاحِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مُقَرَّنُونَ بِالْوَاوِ وَهِيَ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ، وَالْوَجْهُ قِرَاءَةُ النَّاسِ وَنَسَبَهَا ابْنُ خَالَوَيْهِ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَوَجْهُهَا أَنْ يَرْتَفِعَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ضَمِيرِ أُلْقُوا بَدَلَ نَكِرَةٍ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَنُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَالظَّاهِرُ دُعَاءُ الثُّبُورِ وَهِيَ الهلاك فيقولون: وا ثبوراه أَيْ يُقَالُ يَا ثُبُورُ فَهَذَا أَوَانُكَ. وَقِيلَ: الْمَدْعُوُّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ دَعَوْا مَنْ لَا يُجِيبُهُمْ قَائِلِينَ ثُبِرْنَا ثُبُورًا. وَالثُّبُورُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْوَيْلُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الْهَلَاكُ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الزِّبَعْرَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>