للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ وَهْبٌ وَالْكَلْبِيُّ أَصْحابَ الرَّسِّ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ قَوْمَانِ أُرْسِلَ إِلَيْهِمَا شُعَيْبٌ أُرْسِلَ إِلَى أَصْحَابِ الرَّسِّ وَكَانُوا قَوْمًا مِنْ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ وَأَصْحَابَ آبَارٍ وَمَوَاشٍ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانِهِمْ وَفِي إِيذَائِهِ فَبَيْنَمَا هُمْ حَوْلَ الرَّسِّ وَهِيَ الْبِئْرُ غَيْرُ الْمَطْوِيَّةِ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ انْهَارَتْ بِهِمْ فَخُسِفَ بِهِمْ وَبِدَارِهِمْ.

وَقَالَ عَلِيٌّ فِيمَا نَقَلَهُ الثَّعْلَبِيُّ: قَوْمٌ عَبَدُوا شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ يُقَالُ لَهَا شَاهْ دَرَخْتَ رَسُّوا نَبِيَّهُمْ فِي بِئْرٍ حَفَرُوهُ لَهُ

فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ. وَقِيلَ:

هُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم حنظلة بن صفوان كَانُوا مُبْتَلَيْنَ بِالْعَنْقَاءِ وَهِيَ أَعْظَمُ مَا يَكُونُ مِنَ الطَّيْرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِطُولِ عُنُقِهَا وَكَانَتْ تَسْكُنُ جَبَلَهُمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ فَجٌّ وَهِيَ تَنْقَضُّ عَلَى صِبْيَانِهِمْ فَتَخْطِفُهُمْ إِنْ أَعْوَزَهَا الصَّيْدُ فَدَعَا عَلَيْهَا حَنْظَلَةُ فَأَصَابَتْهَا الصَّاعِقَةُ ثُمَّ إِنَّهُمْ قَتَلُوا حَنْظَلَةَ فَأُهْلِكُوا. وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ وَالرَّسُّ هُوَ الْأُخْدُودُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرَّسُّ بِئْرُ أَذْرَبِيجَانَ. وَقِيلَ: الرَّسُّ مَا بَيْنَ نَجْرَانَ إِلَى الْيَمَنِ إِلَى حَضْرَمَوْتَ. وَقِيلَ: قَوْمٌ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ فَقَتَلُوهُمْ وَرَسُّوا عِظَامَهُمْ فِي بِئْرٍ. وَقِيلَ: قَوْمٌ بُعِثَ إِلَيْهِمْ نَبِيٌّ فَأَكَلُوهُ. وَقِيلَ: قَوْمٌ نِسَاؤُهُمْ سَوَاحِقُ. وَقِيلَ: الرَّسُّ مَاءٌ وَنَخْلٌ لِبَنِي أَسَدٍ. وَقِيلَ: الرَّسُّ نَهْرٌ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا مِنْ أَوْلَادِ يَهُوذَا بن يَعْقُوبَ فَكَذَّبُوهُ فَلَبِثَ فِيهِمْ زَمَانًا فَشَكَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ فَحَفَرُوا لَهُ بِئْرًا وَأَرْسَلُوهُ فِيهَا، وَقَالُوا: نَرْجُو أَنْ يَرْضَى عَنَّا إِلَهُنَا فَكَانُوا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ يَسْمَعُونَ أَنِينَ نَبِيِّهِمْ، فَدَعَا بِتَعْجِيلِ قبض روحه فمات وأضلتهم سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ أَذَابَتْهُمْ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ.

وَرَوَى عِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ أَهْلَ الرَّسِّ أَخَذُوا نَبِيَّهُمْ فَرَسُّوهُ فِي بِئْرٍ وَأَطْبَقُوا عَلَيْهِ صَخْرَةً فَكَانَ عَبْدٌ أَسْوَدُ آمَنَ بِهِ يَجِيءُ بِطَعَامٍ إِلَى تِلْكَ الْبِئْرِ فَيُعِينُهُ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ فيقلها فَيُعْطِيهِ مَا يُغَذِّيهِ بِهِ. ثُمَّ يَرُدُّ الصَّخْرَةَ، إِلَى أَنْ ضَرَبَ اللَّهُ يَوْمًا عَلَى أُذُنِ ذَلِكَ الْأَسْوَدِ بِالنَّوْمِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَخْرَجَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ نَبِيَّهُمْ فَآمَنُوا بِهِ» .

فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَيُمْكِنُ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَذَكَرَهُمُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَكَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْحَابِ الرَّسِّ، فَلَوْ صَحَّ مَا نَقَلَهُ عِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ كَانَ هُوَ الْقَوْلَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ وَمُلَخَّصُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِتَكْذِيبِ مَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ.

وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ هَذَا إِبْهَامٌ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ ذلك إلّا الله وذلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أُولَئِكَ الْمُتَقَدِّمِي الذِّكْرِ فَلِذَلِكَ حَسُنَ دُخُولُ بَيْنَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قِيلَ بَيْنَ الْمَذْكُورِينَ وَقَدْ يَذْكُرُ الذَّاكِرُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً. ثُمَّ يُشِيرُ إِلَيْهَا. وَانْتَصَبَ كُلًّا الْأَوَّلُ عَلَى الِاشْتِغَالِ أَيْ وَأَنْذَرْنَا كُلًّا أَوْ حَذَّرْنَا كُلًّا وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِتَبَّرْنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مَفْعُولًا

<<  <  ج: ص:  >  >>