للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُذِفَ جَوَابُ مَنْ ضَلَّ لِدَلَالَةِ جَوَابِ مُقَابِلِهِ عَلَيْهِ، أَوْ يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ: فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ضَمِيرٌ حَتَّى يُرْبَطَ الْجَزَاءُ بِالشَّرْطِ، إِذْ أَدَاةُ الشَّرْطِ اسْمٌ وَلَيْسَ ظَرْفًا، فَلَا بُدَّ فِي جُمْلَةِ الْجَوَابِ مِنْ ذِكْرٍ يَعُودُ عَلَيْهِ مَلْفُوظٍ بِهِ أَوْ مُقَدَّرٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ هِيَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَيُقَدَّرُ الضَّمِيرُ مِنَ الْمُنْذِرِينَ لَهُ، لَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا إِنْذَارُهُ، وَأَمَّا هِدَايَتُهُ فَإِلَى اللَّهِ. وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ: أُمِرَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، فَيَحْمَدَ رَبَّهُ عَلَى مَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ شَرَفِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَاخْتَصَّهُ مِنْ رَفِيعِ الْمَنْزِلَةِ. سَيُرِيكُمْ آياتِهِ: تَهْدِيدٌ لِأَعْدَائِهِ بِمَا يُرِيهِمُ اللَّهُ مِنْ آيَاتِهِ الَّتِي تَضْطَرُّهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِهَا وَالْإِقْرَارِ أَنَّهَا آيَاتُ اللَّهِ. قَالَ الْحَسَنُ: وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ حَتَّى لَا تَنْفَعَهُمُ الْمَعْرِفَةُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فِي الدُّنْيَا وَهِيَ الدُّخَانُ وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ نَقَمَاتِ اللَّهِ. وَقِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ. وَقِيلَ: خُرُوجُ الدَّابَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ. وَقِيلَ: آيَاتُهُ فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِي سَائِرِ مَا خَلَقَ مِثْلُ قَوْلِهِ: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ «١» . وَقِيلَ: مُعْجِزَاتُ الرَّسُولِ، وَأَضَافَهَا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ مُجْرِيهَا عَلَى يَدَيْ رَسُولِهِ، وَمُظْهِرُهَا مِنْ جِهَتِهِ.

فَتَعْرِفُونَها: أَيْ حَقِيقَتَهَا، وَلَا يَسَعُكُمْ جُحُودُهَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَمَّا يَعْمَلُونَ، بِيَاءِ الْغَيْبَةِ، الْتِفَاتًا مِنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ وَنَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ: بِتَاءِ الْخِطَابِ لِقَوْلِهِ: سَيُرِيكُمْ. وَلَمَّا قَسَّمَهُمْ إِلَى مُهْتَدٍ وَضَالٍّ، أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مُحِيطٌ بِأَعْمَالِهِمْ، غير غافل عنها.


(١) سورة فصلت: ٤١/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>