للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ مَتَى يُبْخَلْ عَلَيْكَ وَيُعْتَلَلْ ... بِسُوءٍ وَإِنْ يُكْشَفْ غَرَامُكَ تَدْرُبِ

أَيْ: وَيَعْتَلِلُ هُوَ، أَيِ الِاعْتِلَالُ. وَالَّذِي يَشْتَهُونَ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أو الْأَهْلُ وَالْمَالُ وَالْوَلَدُ، قَالَهُ السُّدِّيُّ أَوْ بَيْنَ الْجَيْشِ وَتَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ، أَوْ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ بَيْنَ النَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ، أَوْ بَيْنَ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَلَذَّتِهَا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا. كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ، مِنْ كَفَرَةِ الْأُمَمِ، أَيْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مشتهياتهم. ومِنْ قَبْلُ: يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأَشْياعِهِمْ، أَيْ مَنِ اتصف بصفتهم مِنْ قَبْلُ، أَيْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ.

وَيَتَرَجَّحُ بِأَنَّ مَا يُفْعَلُ بِجَمِيعِهِمْ إِنَّمَا هُوَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلٍ إِذَا كَانَتِ الْحَيْلُولَةُ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَشْيَاعُهُمْ أَصْحَابُ الْفِيلِ، يَعْنِي أَشْيَاعَ قُرَيْشٍ، وَكَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُخْرَجَ التَّمْثِيلِ. وَأَمَّا التَّخْصِيصُ، فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ: يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، وَمُرِيبٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَرَابَ الرَّجُلُ: أَتَى بِرِيبَةٍ وَدَخَلَ فِيهَا، وَأَرَبْتُ الرَّجُلَ: أَوْقَعْتَهُ فِي رِيبَةٍ، وَنِسْبَةُ الْإِرَابَةِ إِلَى الشَّكِّ مَجَازٌ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِلَّا أَنْ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّ الْمُرِيبَ مِنَ الْمُتَعَدِّي مَنْقُولٌ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرِيبًا مِنَ الْأَعْيَانِ إِلَى الْمَعْنَى، وَمِنَ اللَّازِمِ مَنْقُولٌ مِنْ صَاحِبِ الشَّكِّ إِلَى الشَّكِّ، كَمَا تَقُولُ: شِعْرُ شَاعِرٍ. انْتَهَى، وَفِيهِ بَعْضُ تَبْيِينٍ. قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرْدَفَهُ عَلَى الشَّكِّ، وَهُمَا بِمَعْنًى لِتَنَاسُقِ آخِرِ الْآيَةِ بِالَّتِي قَبْلَهَا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ، كَمَا تَقُولُ: عَجَبٌ عجيب، وشتاشات، وَلَيْلَةٌ لَيْلَاءُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الشَّكُّ الْمُرِيبُ أَقْوَى مَا يَكُونُ مِنَ الشَّكِّ وأشده إظلاما.

<<  <  ج: ص:  >  >>