جَائِزٌ، تَقُولُ: مَا تَضْرِبْ زَيْدًا أَضْرِبْ مِثْلَهُ، التَّقْدِيرُ: أَيَّ ضَرْبٍ تَضْرَبُ زَيْدًا أَضْرِبُ مِثْلَهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
نَعَبَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ بَيْنٌ عَاجِلٌ ... مَا شِئْتَ إِذْ ظَعَنُوا لِبَيْنٍ فَانْعَبِ
وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ مَا إِذَا جَعَلْتَهَا لِلنَّسْخِ، عُرِّيَ الْجَوَابُ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَيْهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى اسْمِ الشَّرْطِ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: أَيَّ ضَرْبٍ يَضْرِبْ هِنْدًا أَضْرِبْ أَحْسَنَ مِنْهَا، لَمْ يَجُزْ لِعُرُوِّ جُمْلَةِ الْجَزَاءِ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى اسْمِ الشَّرْطِ، لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ هِنْدٌ، لَا عَلَى أَيَّ ضَرْبٍ الَّذِي هُوَ اسْمُ الشَّرْطِ، وَلِأَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّائِدَةُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ غَيْرُ مُوجَبٍ، وَأَنْ يَكُونَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ نَكِرَةً، وَهَذَا عَلَى الْجَادَّةِ مِنْ مَشْهُورِ مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ. وَالشَّرْطُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ الْمُوجَبِ، فَلَا يَجُوزُ: إِنْ قَامَ مِنْ رَجُلٍ أَقُمْ مَعَهُ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ.
أَوْ نُنْسِها: قَرَأَ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَ السَّبْعَةِ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو: أَوْ نَنْسَأْهَا، بِفَتْحِ نُونِ الْمُضَارَعَةِ وَالسِّينِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَتْ طَائِفَةٌ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَذَكَرَ أَبُو عَبِيدٍ الْبَكْرِيُّ فِي (كِتَابِ اللَّآلِئُ) ذَلِكَ عَنْ سعد بن أبي وقاص، وَأَرَاهُ وَهْمٌ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: وَقَرَأَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وقاص تَنْسَاهَا بِالتَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ السِّينِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ وَابْنِ يَعْمَرَ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُمْ هَمَزُوا: وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ ضَمَّ التَّاءَ.
وَقَرَأَ سَعِيدٌ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ، نُنْسِهَا، بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهَا هَمَزَتْ بَعْدَ السِّينِ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ وَأَبُو رَجَاءٍ: بِضَمِّ النُّونِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ وَبِلَا هَمْزٍ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: أَوْ نُنْسِكَ، بِضَمِّ النُّونِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِ السِّينِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَبِكَافٍ لِلْخِطَابِ بَدَلَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ. وَفِي مُصْحَفِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الضَّمِيرَيْنِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: مَا نُنْسِكَ مِنْ آية أو ننسخها نجيء بِمِثْلِهَا. وَهَكَذَا ثَبَتَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ، فَتَحْصُلُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، دُونَ قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ، إِحْدَى عَشْرَةَ قِرَاءَةً: فَمَعَ الْهَمْزَةِ: نَنْسَأْهَا وَنَنْسِئْهَا وَنُنْسِأْهَا وَتَنْسَأْهَا، وَبِلَا هَمْزٍ: نَنْسَهَا وَنُنْسِهَا وَتَنْسَهَا وتنسها ونسك وَنُنْسِكَهَا. وَفُسِّرَ النَّسْخُ هُنَا بِالتَّبْدِيلِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالزَّجَّاجُ، أَوْ تَبْدِيلِ الْحُكْمِ مَعَ ثُبُوتِ الْخَطِّ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، أَوِ الرَّفْعِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ نُنْسِهَا بِغَيْرِ هَمْزٍ، فَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute