للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتْمَانُ بَعْثِ الرَّسُولِ، أَوْ تَسْوِيلُ الشَّيْطَانِ، أَقْوَالٌ. وَالْمُتَّبِعُ الشَّيْءَ هُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَيْهِ، فَنَاسَبَ ضَرْبَ الْمَلَائِكَةِ وَجْهَهُ. وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ: وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَاتِّبَاعُ دِينِهِ. وَالْكَافِرُ لِلشَّيْءِ مُتَوَلٍّ عَنْهُ، فَنَاسَبَ ضَرْبَ الْمَلَائِكَةِ دُبُرَهُ فَفِي ذَلِكَ مُقَابَلَةُ أَمْرَيْنِ بِأَمْرَيْنِ.

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ، وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ، إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ، إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ، هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ.

إِخْرَاجُ أَضْغَانِهِمْ، وَهُوَ حُقُودُهَا: إِبْرَازُهَا لِلرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ لِعَطْفِ الْعِرْفَانِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ الْقَلْبِ. وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ فِي أَرَيْنَاكَهُمْ، وَهُوَ الْأَفْصَحُ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ الِانْفِصَالُ. وَفِي هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ تَقْرِيبٌ لِشُهْرَتِهِمْ، لَكِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ وَعَلَى قَرَابَاتِهِمْ، وَاكْتِفَاءً مِنْهُمْ بِمَا يَتَظَاهَرُونَ بِهِ مِنِ اتِّبَاعِ الشَّرْعِ، وَإِنْ أَبْطَنُوا خِلَافَهُ. وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ: كَانُوا يَصْطَلِحُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ أَلْفَاظٍ يُخَاطِبُونَ بِهَا الرَّسُولَ، مِمَّا ظَاهِرُهُ حَسَنٌ وَيَعْنُونَ بِهِ الْقَبِيحَ، وَكَانُوا أَيْضًا يَصْدُرُ مِنْهُمُ الْكَلَامُ يُشْعِرُ بِالِاتِّبَاعِ، وَهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِمْ عِنْدَ النَّصْرِ: إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ «١» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِمْ: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ «٢» ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ «٣» . وَالظَّاهِرُ الْإِرَاءَةُ وَالْمَعْرِفَةُ بِالسِّيمَاءِ، وُجُودُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِلَحْنِ الْقَوْلِ. وَاللَّامُ فِي: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ، لَامُ جَوَابِ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ: خِطَابٌ عَامٌّ يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ وَقِيلَ: خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ، ونبلوا: بالنون والواو


(١) سورة العنكبوت: ٢٩/ ١٠.
(٢) سورة المنافقون: ٦٣/ ٨.
(٣) سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٣. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>