كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ، كَقَوْلِهِ: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ «١» . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَقَوْلُهُ: كزرع، هو على كلا الْأَقْوَالِ، وَفِي أَيِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ، فُرِضَ مَثَلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ وَحْدَهُ، فَكَانَ كَالزَّرْعِ حَبَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ فَهُمْ كَالشَّطْءِ، وَهُوَ فَرَاخُ السُّنْبُلَةِ الَّتِي تَنْبُتُ حَوْلَ الْأَصْلِ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: شَطْأَهُ: فَرَاخَهُ وَأَوْلَادَهُ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَبَاتَهُ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: شُتُولَ السُّنْبُلِ يَخْرُجُ مِنَ الْحَبَّةِ عَشْرُ سُنْبُلَاتٍ وَتِسْعٌ وَثَمَانٍ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْأَخْفَشُ: طَرَفَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَخْرَجَ الشَّطْءَ عَلَى وَجْهِ الثَّرَى ... وَمِنَ الْأَشْجَارِ أَفْنَانَ الثَّمَرِ
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: شَطْأَهُ، بِإِسْكَانِ الطَّاءِ وَالْهَمْزَةِ وَابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ ذَكْوَانَ: بِفَتْحِهِمَا وَكَذَلِكَ: وَبِالْمَدِّ، أَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَعِيسَى الْكُوفِيُّ وَبِأَلِفٍ بَدَلَ الْهَمْزَةِ، زَيْدُ بْنُ عَلَى فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا، وَأَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ الْهَمْزَ، فَنَقَلَ الْحَرَكَةَ وَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ أَلِفًا.
كَمَا قَالُوا فِي الْمَرْأَةِ وَالْكَمْأَةِ: الْمَرَاةَ وَالْكَمَاةَ، وَهُوَ تَخْفِيفٌ مَقِيسٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ شَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: شَطَّهُ، بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَإِلْقَاءِ حَرَكَتِهَا عَلَى الطَّاءِ. وَرُوِيَتْ عَنْ شَيْبَةَ، وَنَافِعٍ، وَالْجَحْدَرِيِّ، وَعَنِ الْجَحْدَرِيِّ أَيْضًا: شَطْوَهُ بِإِسْكَانِ الطَّاءِ وَوَاوٍ بَعْدَهَا. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ: هِيَ لُغَةٌ أَوْ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَلَا يَكُونُ الشَّطُّ إِلَّا فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا لُغَاتٌ. وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: شَطَأَ الزَّرْعُ وَأَشْطَأَ، إِذَا أَخْرَجَ فَرَاخَهُ، وَهُوَ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَانَ: فَأَزَرَهُ ثُلَاثِيًّا وَبَاقِي السَّبْعَةِ: فَآزَرَهُ، عَلَى وَزْنِ أفعله. وقرىء: فَازَّرَهُ، بِتَشْدِيدِ الزَّايِ. وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ: آزِرُهُ فَاعِلُهُ خَطَأٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فِي مُضَارِعِهِ إِلَّا يُؤْزِرُ، عَلَى وَزْنِ يُكْرِمُ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي آزَرَهُ عَائِدٌ عَلَى الزَّرْعِ، لِأَنَّ الزَّرْعَ أَوَّلُ مَا يَطْلَعُ رَقِيقَ الْأَصْلِ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَرَاخُهُ غَلُظَ أَصْلُهُ وَتَقَوَّى، وَكَذَلِكَ أصحاب رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا أَقِلَّةً ضُعَفَاءَ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَتَقَوَّوْا قَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: آزَرَهُ: قَوَّاهُ وَشَدَّ أَزْرَهُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: صَارَ مِثْلَ الْأَصْلِ فِي الطُّولِ. فَاسْتَغْلَظَ:
صَارَ مِنَ الرِّقَّةِ إِلَى الْغِلْظِ. فَاسْتَوى: أَيْ تَمَّ نَبَاتُهُ. عَلى سُوقِهِ: جَمْعُ سَاقٍ، كِنَايَةٌ عَنْ أُصُولِهِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: عَلَى سُؤْقِهِ بِالْهَمْزِ. قِيلَ: وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ يَهْمِزُونَ الواو الذي قَبْلَهَا ضَمَّةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَحَبُّ الْمُؤْقِدِينَ إِلَيَّ مؤسي
(١) سورة الحجر: ١٥/ ٦٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute