للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَقَبْلَ الْغُرُوبِ: هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَالْجُمْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَبْلَ الْغُرُوبِ: الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ. وَمِنَ اللَّيْلِ: صَلَاةُ الْعِشَاءَيْنِ، وَقَبْلَ الْغُرُوبِ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَفِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ، عَنْ أَنَسٍ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا يُصَلِّيهَا إِلَّا أَنَسًا وَأَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ. وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: كَانَ الصَّحَابَةُ يَهُبُّونَ إِلَيْهِمَا كَمَا يَهُبُّونَ إِلَى الْمَكْتُوبَةِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْعِشَاءُ فَقَطْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ صَلَاةُ اللَّيْلِ. وَأَدْبارَ السُّجُودِ، قَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ: هُوَ التَّسْبِيحُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ. وَقَالَ عُمَرُ،

وَعَلِيٌّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: هُمَا رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

هُوَ الْوِتْرُ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا، وَابْنُ زَيْدٍ: النَّوَافِلُ بَعْدَ الْفَرَائِضِ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، يُقْرَأُ فِي الْأُولَى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ «١» ، وَفِي الثَّانِيَةِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «٢» . وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَعِيسَى، وَالْأَعْمَشُ، وَطَلْحَةُ، وَشِبْلٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْحَرَمِيَّانِ: وَإِدْبَارَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، تَقُولُ: أَدْبَرَتِ الصَّلَاةُ، انْقَضَتْ وَنَمَتْ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ وَوَقْتَ انْقِضَاءِ السُّجُودِ، كَقَوْلِهِمْ:

آتِيكَ خَفُوقَ النَّجْمِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِفَتْحِهَا، جَمْعَ دُبُرٍ، كَطُنُبٍ وَأَطْنَابٍ، أَيْ وَفِي أَدْبَارِ السُّجُودِ: أَيْ أَعْقَابِهِ. قَالَ أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ:

عَلَى دُبُرِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَأَرْضُنَا ... وَمَا حَوْلَهَا جَدْبٌ سنون تلمح

وَاسْتَمِعْ: أَمْرٌ بِالِاسْتِمَاعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ حَقِيقَةُ الِاسْتِمَاعِ، وَالْمُسْتَمِعُ لَهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَاسْتَمِعْ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ حَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَفِي ذَلِكَ تَهْوِيلٌ وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِ الْمُخْبَرِ بِهِ، كَمَا

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ: «يَا مُعَاذُ اسْمَعْ مَا أَقُولُ لَكَ» ، ثُمَّ حَدَّثَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَانْتَصَبَ يَوْمَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ. يَوْمُ الْخُرُوجِ: أَيْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ. وَقِيلَ: مَفْعُولُ اسْتَمِعْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: نِدَاءَ الْمُنَادِي. وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ:

نِدَاءَ الْكَافِرِ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ. وَقِيلَ: لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَفْعُولٍ، إِذْ حُذِفَ اقْتِصَارًا، وَالْمَعْنَى: كُنْ مُسْتَمِعًا، وَلَا تَكُنْ غَافِلًا مُعْرِضًا. وَقِيلَ مَعْنَى وَاسْتَمِعْ: وَانْتَظِرْ، وَالْخِطَابُ لِكُلِّ سَامِعٍ.

وَقِيلَ: لِلرَّسُولِ، أَيِ ارْتَقِبْهُ، فَإِنَّ فِيهِ تَبْيِنَ صِحَّةِ مَا قُلْتُهُ، كَمَا تقول لمن تعده بورود فَتْحٍ:

اسْتَمِعْ كَذَا وَكَذَا، أَيْ كُنْ مُنْتَظِرًا لَهُ مستمعا، فيوم مُنْتَصِبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: الْمُنَادَى بِالْيَاءِ وَصْلًا وَوَقْفًا، وَنَافِعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو بِحَذْفِ الياء وقفا، وعيسى،


(١) سورة الكافرون: ١٠٩/ ١.
(٢) سورة الإخلاص: ١١٢/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>