للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطَلْحَةُ، وَالْأَعْمَشُ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِحَذْفِهَا وَصْلًا وَوَقْفًا اتِّبَاعًا لِخَطِّ الْمُصْحَفِ، وَمَنْ أَثْبَتَهَا فَعَلَى الْأَصْلِ، وَمَنْ حَذَفَهَا وَقْفًا فَلِأَنَّ الْوَقْفَ تَغْيِيرٌ يُبَدَّلُ فِيهِ التَّنْوِينُ أَلِفًا نَصْبًا، وَالتَّاءُ هَاءً، وَيُشَدَّدُ الْمُخَفَّفُ، وَيُحْذَفُ الْحَرْفُ فِي الْقَوَافِي. وَالْمُنَادِي

فِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ مَلَكًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ أَيَّتُهَا الْأَجْسَامُ الْهَامِدَةُ وَالْعِظَامُ الْبَالِيَةُ وَالرِّمَمُ الذَّاهِبَةُ هَلُمُّوا إِلَى الْحَشْرِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى» .

مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ: وَصَفَهُ بِالْقُرْبِ مِنْ حَيْثُ يُسْمِعُ جَمِيعَ الْخَلْقِ.

قِيلَ: وَالْمُنَادِي إِسْرَافِيلُ، يَنْفُخُ فِي الصُّورِ وَيُنَادِي. وَقِيلَ: الْمُنَادِي جِبْرِيلُ. وَقَالَ كَعْبٌ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: الْمَكَانُ صَخْرَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ كَعْبٌ: قَرَّبَهَا مِنَ السَّمَاءِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا، كَذَا فِي كِتَابِ ابْنِ عَطِيَّةَ، وَفِي كِتَابِ الزَّمَخْشَرِيِّ: بِاثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا، وَهِيَ وَسَطُ الْأَرْضِ. انْتَهَى، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِلَّا بِوَحْيٍ.

يَوْمَ يَسْمَعُونَ: بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ يُنادِ، والصَّيْحَةَ: صَيْحَةَ الْمُنَادِي. قِيلَ:

يَسْمَعُونَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ. وَقِيلَ: مِنْ تَحْتِ شُعُورِهِمْ، وَهِيَ النفخة الثانية، وبِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّيْحَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَعْثُ وَالْحَشْرُ. ذلِكَ: أَيْ يَوْمُ النِّدَاءِ وَالسَّمَاعِ، يَوْمُ الْخُرُوجِ مِنَ الْقُبُورِ، وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى النِّدَاءِ، وَاتَّسَعَ فِي الظَّرْفِ فَجُعِلَ خَبَرًا عَنِ الْمَصْدَرِ، أَوْ يَكُونُ عَلَى حَذْفِ، أَيْ ذلك لنداء نِدَاءُ يَوْمِ الْخُرُوجِ، أَوْ وَقْتَ النِّدَاءِ يَوْمُ الْخُرُوجِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ: تَشَّقَّقُ بِشَدِّ الشِّينِ وَبَاقِي السبعة: بتخفيفها. وقرىء:

تُشَقَّقُ بِضَمِّ التَّاءِ، مُضَارِعَ شُقِّقَتْ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَتَنْشَقُّ مُضَارِعَ انْشَقَّتْ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: تُشْقَقُ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ، ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ فِي قِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ تأليفه، ويوم بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ الثَّانِي. وَقِيلَ: مَنْصُوبٌ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ الْخُرُوجُ. وَقِيلَ: الْمَصِيرُ، وَانْتَصَبَ سِراعاً عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَنْهُمْ، وَالْعَامِلُ تَشَقَّقُ. وَقِيلَ: مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يَخْرُجُونَ، فَهُوَ حَالٌ مِنَ الْوَاوِ فِي يَخْرُجُونَ، قَالَهُ الْحَوْفِيُّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُقَدَّرُ عَامِلًا فِي يَوْمَ تَشَقَّقُ. ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ: فَصَلَ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ بِمَعْمُولِ الصِّفَةِ، وَهُوَ عَلَيْنَا، أَيْ يَسِيرٌ عَلَيْنَا، وَحَسَّنَ ذَلِكَ كَوْنُ الصِّفَةِ فَاصِلَةً. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلَيْنا يَسِيرٌ، تَقْدِيمُ الظَّرْفِ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، يَعْنِي لَا يَتَيَسَّرُ مِثْلُ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ إِلَّا عَلَى الْقَادِرِ الذَّاتِ الَّذِي لَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ، كَمَا قَالَ: مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ «١» . انْتَهَى، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ فِي أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَفْعُولِ


(١) سورة لقمان: ٣١/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>