بِتَمَامِهَا الزَّمَخْشَرِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي سَبَبِ النُّزُولِ غَيْرَهَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدِي بَاطِلٌ، وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُنَزَّهٌ عن مثله. انتهى.
وأ فرأيت هُنَا بِمَعْنَى: أَخْبِرْنِي، وَمَفْعُولُهَا الْأَوَّلُ الْمَوْصُولُ، وَالثَّانِي الْجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ، وَهِيَ: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ. وتَوَلَّى: أَيْ أَعْرَضَ عَنِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَوَلَّى: تَرَكَ الْمَرْكَزَ يَوْمَ أُحُدٍ. انْتَهَى. لَمَّا جَعَلَ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ، فَسَّرَ التَّوَلِّي بِهَذَا. وَإِذَا ذُكِرَ التَّوَلِّي غَيْرَ مُقَيَّدٍ فِي الْقُرْآنِ، فَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْإِيمَانِ. وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَطَاعَ قَلِيلًا ثُمَّ عَصَى.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْطَى قَلِيلًا مِنْ نَفْسِهِ بِالِاسْتِمَاعِ، ثُمَّ أَكْدَى بِالِانْقِطَاعِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَعْطَى قَلِيلًا مِنْ مَالِهِ ثُمَّ مَنَعَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَعْطَى قَلِيلًا مِنَ الْخَيْرِ بِلِسَانِهِ ثُمَّ قَطَعَ. أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ: أَيْ أَعَلِمَ مِنَ الْغَيْبِ أَنَّ مَنْ تَحَمَّلَ ذنوب آخر، فإنه الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ، فَهُوَ لِهَذَا الَّذِي عَلِمَهُ يَرَى الْحَقَّ وَلَهُ فِيهِ بَصِيرَةٌ، أَمْ هُوَ جَاهِلٌ؟ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَهُوَ يَرى: فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَخُوهُ مِنِ احْتِمَالِ أَوْزَارِهِ حَقٌّ. وَقِيلَ: يَعْلَمُ حَالَهُ فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَرَى رَفْعَ مَأْثَمِهِ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: فَهُوَ يَرَى أَنَّ مَا سَمِعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ بَاطِلٌ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ، فَرَأَى مَا مَنَعَهُ حَقٌّ. وَقِيلَ: فَهُوَ يَرى: أَيِ الْأَجْزَاءَ، وَاحْتَمَلَ يَرَى أَنْ تَكُونَ بَصَرِيَّةً، أَيْ فَهُوَ يُبْصِرُ مَا خَفِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْبٌ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى يَعْلَمُ، أَيْ فَهُوَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ مِثْلَ الشَّهَادَةِ.
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ: أَيْ بَلْ أَلَمْ يُخْبَرْ؟ بِما فِي صُحُفِ مُوسى، وَهِيَ التَّوْرَاةُ.
وَإِبْراهِيمَ: أَيْ وَفِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ، وَخُصَّ هَذَيْنِ النَّبِيَّيْنِ عَلَيْهِمَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. قِيلَ: لِأَنَّهُ مَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ كَانُوا يَأْخُذُونَ الرَّجُلَ بِأَبِيهِ وَابْنِهِ وَعَمِّهِ وَخَالِهِ، وَالزَّوْجَ بِامْرَأَتِهِ، وَالْعَبْدَ بِسَيِّدِهِ. فَأَوَّلُ مَنْ خَالَفَهُمْ إِبْرَاهِيمُ، وَمِنْ شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى شَرِيعَةِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا، كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ الرَّجُلَ بِجَرِيمَةِ غَيْرِهِ. الَّذِي وَفَّى، قَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَفَّى بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ. وَقَرَأَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ وَابْنُ السَّمَيْفَعِ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِتَخْفِيفِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُتَعَلِّقَ وَفَّى لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا لَهُ، كَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالِاسْتِقْلَالِ بِأَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ، وَعَلَى فِرَاقِ إِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ، وَعَلَى نَارِ نُمْرُوذٍ وَقِيَامِهِ بِأَضْيَافِهِ وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُمْ بِنَفْسِهِ. وَكَانَ يَمْشِي كُلَّ يَوْمٍ فَرْسَخًا يَرْتَادُ ضَيْفًا، فَإِنْ وَافَقَهُ أَكْرَمَهُ، وَإِلَّا نَوَى الصَّوْمَ. وَعَنِ الْحَسَنِ:
مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِشَيْءٍ إِلَّا وَفَّى بِهِ. وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ: عَهِدَ أَنْ لَا يَسْأَلَ مَخْلُوقًا. وَقَالَ ابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute