تَظْهَرُ. وَظِلٍّ مَمْدُودٍ: لَا يَتَقَلَّصُ. بَلْ مُنْبَسِطٌ لَا يَنْسَخُهُ شَيْءٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا الظِّلُّ مِنْ سِدْرِهَا وَطَلْحِهَا. وَماءٍ مَسْكُوبٍ، قَالَ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ: جَارٍ فِي أَخَادِيدَ. وَقِيلَ:
مُنْسَابٌ لَا يُتْعَبُ فِيهِ بِسَاقِيَةٍ وَلَا رِشَاءٍ.
لَا مَقْطُوعَةٍ: أَيْ هِيَ دَائِمَةٌ لَا تَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، كَفَاكِهَةِ الدُّنْيَا، وَلا مَمْنُوعَةٍ: أَيْ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَنَاوُلِهَا بِوَجْهٍ، وَلَا يُحْظَرُ عَلَيْهَا كالتي في الدنيا. وقرىء: وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ بِرَفْعِهِمَا، أَيْ وَهُنَاكَ فَاكِهَةٌ، وَفُرُشٍ: جَمْعُ فِرَاشٍ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَأَبُو حَيْوَةَ: بِسُكُونِهَا مَرْفُوعَةً، نُضِّدَتْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ، أَوْ رُفِعَتْ عَلَى الْأَسِرَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفِرَاشَ هُوَ مَا يُفْتَرَشُ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ وَالنَّوْمِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِالْفُرُشِ النِّسَاءُ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يُكَنَّى عَنْهَا بِالْفِرَاشِ، وَرَفَعَهُنَّ فِي الْأَقْدَارِ وَالْمَنَازِلِ. وَالضَّمِيرُ فِي أَنْشَأْناهُنَّ عَائِدٌ عَلَى الْفُرُشِ فِي قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، إِذْ هُنَّ النِّسَاءُ عِنْدَهُ، وَعَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْفُرُشُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْفُرُشِ ظَاهِرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَلَابِسِ الَّتِي تُفْرَشُ وَيُضْطَجَعُ عَلَيْهَا، أَيِ ابْتَدَأْنَا خلقهن ابتدأ جَدِيدًا مِنْ غَيْرِ وِلَادَةٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْشَاءَ هُوَ الِاخْتِرَاعُ الَّذِي لَمْ يُسْبَقْ بِخَلْقٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالْحُورِ اللَّاتِي لَسْنَ مِنْ نَسْلِ آدَمَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ إِنْشَاءَ الْإِعَادَةِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ لِبَنَاتِ آدَمَ. فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً، عُرُباً: وَالْعَرِبُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْعَرُوبُ الْمُتَحَبِّبَةُ إِلَى زَوْجِهَا، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَعَبَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا عَنْهُنَّ بِالْعَوَاشِقِ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وَفِي الْخُدُورِ عَرُوبٌ غَيْرُ فَاحِشَةٍ ... رَيَّا الرَّوَادِفِ يُغْشَى دُونَهَا الْبَصَرُ
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْعَرُوبُ: الْمُحَسِّنَةُ لِلْكَلَامِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَنَاسٌ مِنْهُمْ شُجَاعٌ وَعَبَّاسٌ وَالْأَصْمَعِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَنَاسٌ مِنْهُمْ خَارِجَةُ وَكَرْدَمٌ وَأَبُو حليد عَنْ نَافِعٍ، وَنَاسٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَحَمَّادٌ وَأَبَانُ عَنْ عَاصِمٍ: بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِضَمِّهَا.
أَتْراباً فِي الشَّكْلِ وَالْقَدِّ، وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَنْشَأْناهُنَّ عَائِدٌ عَلَى الْحُورِ الْعِينِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ، لِأَنَّ تِلْكَ قِصَّةٌ قَدِ انْقَطَعَتْ، وَهِيَ قِصَّةُ السَّابِقِينَ، وَهَذِهِ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ. وَاللَّامُ فِي لِأَصْحابِ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَنْشَأْنَاهُنَّ. ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ: أَيْ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ: أَيْ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ: وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ وَقَوْلِهِ قَبْلُ: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنَ الْآخِرِينَ هُوَ فِي السَّابِقِينَ، وَقَوْلَهُ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ هُوَ فِي أصحاب اليمين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute