للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَهُوَ فَهْمٌ أَعْجَمِيٌّ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ: وَحُورًا عِينًا بِنَصْبِهِمَا، قَالُوا: عَلَى مَعْنَى وَيُعْطَوْنَ هَذَا كُلَّهُ وَحُورًا عِينًا. وَقَرَأَ قَتَادَةُ: وَحُورُ عِينٍ بِالرَّفْعِ مُضَافًا إِلَى عِينٍ وَابْنُ مِقْسَمٍ: بِالنَّصْبِ مُضَافًا إِلَى عِينٍ وَعِكْرِمَةُ: وَحَوْرَاءُ عَيْنَاءُ عَلَى التَّوْحِيدِ اسْمُ جِنْسٍ، وَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِيهِمَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ السَّابِقِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا كَقِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ: وَحُورًا عِينًا. وَوَصَفَ اللُّؤْلُؤَ بِالْمَكْنُونِ، لِأَنَّهُ أَصْفَى وَأَبْعَدُ مِنَ التَّغَيُّرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «صَفَاؤُهُنَّ كَصَفَاءِ الدُّرِّ الَّذِي لَا تَمَسُّهُ الْأَيْدِي» .

وَقَالَ تَعَالَى:

كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ «١» ، وَقَالَ الشَّاعِرُ، يَصِفُ امْرَأَةً بِالصَّوْنِ وَعَدَمِ الِابْتِذَالِ، فَشَبَّهَهَا بِالدُّرَّةِ الْمَكْنُونَةِ فِي صَدَفَتِهَا فقال:

قامت ترا أي بَيْنَ سَجْفَيْ كِلَّةٍ ... كَالشَّمْسِ يَوْمَ طُلُوعِهَا بِالْأَسْعُدِ

أَوْ دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوَّاصُهَا ... بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يُهِلُّ وَيَسْجُدِ

جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ:

رُوِيَ أَنَّ الْمَنَازِلَ وَالْقِسَمَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ الْأَعْمَالِ، وَنَفْسَ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ لَا بِعَمَلِ عَامِلٍ

، وَفِيهِ

النَّصُّ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي بِفَضْلٍ مِنْهُ وَرَحْمَةٍ» .

لَغْواً: سَقْطُ الْقَوْلِ وَفُحْشُهُ، وَلا تَأْثِيماً: مَا يُؤْثِمُ أَحَدًا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْدَرِجْ فِي اللَّغْوِ وَلَا التَّأْثِيمِ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ. وَسَلَامًا، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَصْدَرٌ نَصَبَهُ قِيلًا، أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلاماً سَلاماً. وَقِيلَ: نُصِبَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَهُوَ مَعْمُولُ قِيلًا، أَيْ قِيلًا اسْلَمُوا سَلَامًا. وَقِيلَ: سَلاماً بَدَلٌ مِنْ قِيلًا. وَقِيلَ: نَعْتٌ لِقِيلًا بِالْمَصْدَرِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: إِلَّا قِيلًا سَالِمًا مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ. فِي سِدْرٍ: فِي الْجَنَّةِ شَجَرٌ عَلَى خَلْقِهِ، لَهُ ثَمَرٌ كَقِلَالِ هَجَرَ طَيِّبُ الطَّعْمِ وَالرِّيحِ. مَخْضُودٍ: عَارٍ مِنَ الشَّوْكِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَخْضُودُ: الْمُوَقَّرُ الَّذِي تَثْنِي أَغْصَانَهُ كَثْرَةُ حَمْلِهِ، مِنْ خَضَدَ الْغُصْنَ إِذَا أَثْنَاهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَطَلْحٍ بِالْحَاءِ

وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ: بِالْعَيْنِ، قَرَأَهَا عَلَى الْمِنْبَرِ.

وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: الطَّلْحُ: الْمَوْزُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَيْسَ بِالْمَوْزِ، وَلَكِنَّهُ شَجَرٌ ظِلُّهُ بَارِدٌ رَطْبٌ. وَقِيلَ:

شَجَرُ أُمِّ غَيْلَانَ، وَلَهُ نُوَّارٌ كَثِيرٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: شَجَرٌ يُشْبِهُ طَلْحَ الدُّنْيَا، وَلَكِنْ لَهُ ثَمَرٌ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ. وَالْمَنْضُودُ: الَّذِي نُضِّدَ مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَى أَعْلَاهُ، فَلَيْسَتْ لَهُ سَاقٌ


(١) سورة الصافات: ٣٧/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>