للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَالُ: الْتَاحَ، أَيْ عَطِشَ. الْقَسْوَرَةُ: الرُّمَاةُ وَالصَّيَّادُونَ، قَالَهُ ابْنُ كَيْسَانَ أَوِ الْأَسَدُ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ، قَالَ:

مُضْمَرٌ تَحَدَّرَهُ الْأَبْطَالُ ... كَأَنَّهُ الْقَسْوَرَةُ الرِّيبَالُ

أَوِ الرِّجَالُ الشِّدَادُ، قَالَ لَبِيدٌ:

إِذَا مَا هَتَفْنَا هَتْفَةً فِي نَدِيِّنَا ... أَتَانَا الرِّجَالُ الصَّائِدُونَ الْقَسَاوِرُ

أَوْ ظُلْمَةُ أَوَّلِ اللَّيْلِ لَا ظُلْمَةُ آخِرِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَثَعْلَبٌ.

يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ، وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ، فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ، ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُوداً، وَبَنِينَ شُهُوداً، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً، إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ، سَأُصْلِيهِ سَقَرَ، وَما أَدْراكَ مَا سَقَرُ، لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ، لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ، عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ، وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا.

هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ بِإِجْمَاعٍ. وَفِي التَّحْرِيرِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: إِلَّا آيَةً وَهِيَ:

وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّ فِي مَا قَبْلَهَا ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ «١» ، وَفِيهِ إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ «٢» ، فَنَاسَبَ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ، وَنَاسَبْ ذِكْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بَعْدُ، وَذَكَرَ بَعْضَ الْمُكَذِّبِينَ فِي قَوْلِهِ: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً.

قَالَ الْجُمْهُورُ: لَمَّا فَزِعَ مِنْ رُؤْيَةِ جِبْرِيلَ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَرُعِبَ مِنْهُ، رَجَعَ إِلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: زَمِّلُونِي دَثِّرُونِي، نَزَلَتْ

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ.

قَالَ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وعائشة: نُودِيَ وَهُوَ فِي حَالٍ تَدَثُّرِهِ، فَدُعِيَ بِحَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ تَدَثَّرَ فِي قَطِيفَةٍ. قِيلَ: وَكَانَ يَسْمَعُ مِنْ قُرَيْشٍ مَا كَرِهَهُ، فَاغْتَمَّ وَتَغَطَّى بِثَوْبِهِ مُفَكِّرًا، فَأُمِرَ أَنْ لَا يَدَعَ إِنْذَارَهُمْ وَإِنْ أَسْمَعُوهُ وَآذَوْهُ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ مَعْنَاهُ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ لِلنُّبُوَّةِ وَأَثْقَالِهَا، كَمَا قَالَ فِي


(١) سُورَةِ المزمل: ٧٣/ ١١.
(٢) سورة المزمل: ٧٣/ ١٩. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>