لِلْفَاعِلِ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ: مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ فِيهِمَا إِخْبَارًا عَنْهُمَا، وَلَوْ حُكِيَ كَلَامُهَا لَكَانَ قُتِلْتُ بِضَمِّ التَّاءِ.
وَكَانَ الْعَرَبُ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ بِنْتٌ وَاسْتَحْيَاهَا، أَلْبَسَهَا جُبَّةً مِنْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ وَتَرَكَهَا تَرْعَى الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، وَإِذَا أَرَادَ قَتْلَهَا تَرَكَهَا حَتَّى إِذَا صَارَتْ سُدَاسِيَّةً قَالَ لِأُمِّهَا: طَيِّبِيهَا وَلَيِّنِيهَا حَتَّى أَذْهَبَ بِهَا إِلَى أَحْمَائِهَا، وَقَدْ حَفَرَ حُفْرَةً أَوْ بِئْرًا فِي الصَّحْرَاءِ، فَيَذْهَبُ بِهَا إِلَيْهَا وَيَقُولُ لَهَا انْظُرِي فِيهَا ثُمَّ يَدْفَعُهَا مِنْ خَلْفِهَا وَيُهِيلُ عَلَيْهَا التُّرَابَ حَتَّى يَسْتَوِيَ بِالْأَرْضِ. وَقِيلَ:
كَانَتِ الْحَامِلُ إِذَا قَرُبَ وَضْعُهَا حَفَرَتْ حُفْرَةً فَتَمَخَّضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ بِنْتًا رَمَتْ بِهَا فِي الْحُفْرَةِ، وَإِنْ وَلَدَتِ ابْنًا حَبَسَتْهُ. وَقَدِ افْتَخَرَ الْفَرَزْدَقُ، وَهُوَ أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ، بِجَدِّهِ صَعْصَعَةَ، إِذْ كَانَ مَنَعَ وَأْدَ الْبَنَاتِ فَقَالَ:
وَمِنَّا الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ ... فَأَحْيَا الْوَئِيدَ وَلَمْ يَوْئِدْ
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ: صُحُفُ الْأَعْمَالِ كَانَتْ مَطْوِيَّةً عَلَى الْأَعْمَالِ، فَنُشِرَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَقْرَأَ كُلُّ إِنْسَانٍ كِتَابَهُ. وَقِيلَ: الصُّحُفُ الَّتِي تَتَطَايَرُ بِالْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ بِالْجَزَاءِ، وَهِيَ صُحُفٌ غَيْرُ صُحُفِ الْأَعْمَالِ. وَقَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ وَشَيْبَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وعاصم: نُشِرَتْ بِخَفِّ الشِّينِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِشَدِّهَا. وَكَشْطُ السَّمَاءِ: طَيُّهَا كَطَيِّ السِّجِلِّ. وَقِيلَ: أُزِيلَتْ كَمَا يُكْشَطُ الْجِلْدُ عَنِ الذَّبِيحَةِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: قُشِطَتْ بِالْقَافِ، وَهُمَا كَثِيرًا مَا يَتَعَاقَبَانِ، كَقَوْلِهِمْ: عَرَبِيٌّ قُحٌّ وَكُحٌّ، وَتَقَدَّمَتْ قِرَاءَتُهُ قَافُورًا، أَيْ كَافُورًا. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ: سُعِّرَتْ بِشَدِّ الْعَيْنِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِخَفِّهَا، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَلِيٍّ. قَالَ قَتَادَةُ: سَعَّرَهَا غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى وَذُنُوبُ بَنِي آدَمَ، وَجَوَابُ إِذَا وَمَا عُطِفَتْ عَلَيْهِ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ: وَنَفْسٌ تَعُمُّ فِي الْإِثْبَاتِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، مَا أَحْضَرَتْ مِنْ خَيْرٍ تَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، أَوْ مِنْ شَرٍّ تَدْخُلُ بِهِ النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَوَقَعَ الْإِفْرَادُ لِيُنَبِّهَ الذِّهْنَ عَلَى حَقَارَةِ الْمَرْءِ الْوَاحِدِ وَقِلَّةِ دِفَاعِهِ عَنْ نَفْسِهِ. انْتَهَى.
وَقُرِئَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْقَارِئُ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «وا انقطاع ظَهْرَاهُ» . بِالْخُنَّسِ، قَالَ الْجُمْهُورُ: الدَّرَارِيُّ السَّبْعَةُ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَزُحَلُ، وَعُطَارِدٌ، وَالْمِرِّيخُ، وَالزُّهَرَةُ، وَالْمُشْتَرِي. وَقَالَ: عَلِيٌّ الْخَمْسَةُ دُونَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، تَجْرِي الْخَمْسَةُ مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَتَرْجِعُ حَتَّى تَخْفَى مَعَ ضَوْءِ الشَّمْسِ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: تَخْنِسُ فِي جَرْيِهَا الَّتِي يُتَعَهَّدُ فِيهَا تَرَى الْعَيْنُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute