وَزَنُوا لِتَمَكُّنِهِمْ مِنَ الْبَخْسِ فِي النَّوْعَيْنِ جَمِيعًا. يُخْسِرُونَ: ينقصون. انتهى.
ويخسرون مُعَدًّى بِالْهَمْزَةِ، يُقَالُ: خَسِرَ الرَّجُلُ وَأَخْسَرَهُ غَيْرُهُ.
أَلا يَظُنُّ: تَوْقِيفٌ عَلَى أَمْرِ الْقِيَامَةِ وَإِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ فِي فِعْلِهِمْ ذَلِكَ، أَيْ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، ويوم ظَرْفٌ، الْعَامِلُ فِيهِ مُقَدَّرٌ، أَيْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مَبْعُوثُونَ، وَيَكُونَ مَعْنَى لِيَوْمٍ: أَيْ لِحِسَابِ يَوْمٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ عَظِيمٍ، لَكِنَّهُ بني وقرىء يَوْمَ يَقُومُ بِالْجَرِّ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ لِيَوْمٍ، حَكَاهُ أبو معاد. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: يَوْمُ بِالرَّفْعِ، أَيْ ذَلِكَ يَوْمٌ، وَيَظُنُّ بِمَعْنَى يُوقِنُ، أَوْ هُوَ عَلَى وَضْعِهِ مِنَ التَّرْجِيحِ. وَفِي هَذَا الْإِنْكَارِ وَالتَّعَجُّبِ، وَوَصْفِ الْيَوْمِ بِالْعِظَمِ، وَقِيَامِ النَّاسِ لِلَّهِ خَاضِعِينَ، وَوَصْفِهِ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ هَذَا الذَّنْبِ وَهُوَ التَّطْفِيفُ. كَلَّا:
رَدْعٌ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّطْفِيفِ،
وَهَذَا الْقِيَامُ تَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ، وَفِي هَذَا الْقِيَامِ إِلْجَامُ الْعَرَقِ لِلنَّاسِ، وَأَحْوَالُهُمْ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ.
وَالْفُجَّارُ:
الْكُفَّارُ، وَكِتَابُهُمْ هُوَ الَّذِي فِيهِ تحصيل أعمالهم. سِجِّينٌ، قَالَ الْجُمْهُورُ: فِعِّيلٌ مِنَ السِّجْنِ، كَسِكِّيرٍ، أَوْ فِي مَوْضِعِ سَاجِنٍ، فَجَاءَ بِنَاءَ مُبَالَغَةٍ، فَسَجِّينٌ عَلَى هَذَا صِفَةٌ لِمَوْضِعِ الْمَحْذُوفِ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَرُفْقَةٌ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً ... ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا سِجِّينٌ، أَصِفَةٌ هُوَ أَمِ اسْمٌ؟ قُلْتُ: بَلْ هُوَ اسْمُ عَلَمٍ مَنْقُولٍ مِنْ وَصْفٍ كَحَاتِمٍ، وَهُوَ مُنْصَرِفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّعْرِيفُ.
انْتَهَى. وَكَانَ قَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ كِتَابٌ جَامِعٌ، وَهُوَ دِيوَانُ الشَّرِّ، دَوَّنَ اللَّهُ فِيهِ أَعْمَالَ الشَّيَاطِينِ وَأَعْمَالَ الْكَفَرَةِ وَالْفَسَقَةِ مِنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَهُوَ: كِتابٌ مَرْقُومٌ: مَسْطُورٌ بَيْنَ الْكِتَابَةِ، أَوْ مُعَلَّمٌ يَعْلَمُ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَا كُتِبَ مِنْ أَعْمَالِ الْفُجَّارِ مُثْبَتٌ فِي ذَلِكَ الدِّيوَانِ. انْتَهَى. وَاخْتَلَفُوا فِي سِجِّينٍ إِذَا كَانَ مَكَانًا اخْتِلَافًا مُضْطَرِبًا حَذَفْنَا ذِكْرَهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ سِجِّينًا هُوَ كِتَابٌ، وَلِذَلِكَ أُبْدِلَ مِنْهُ كِتابٌ مَرْقُومٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: سِجِّينٌ عِبَارَةٌ عَنِ الْخَسَارِ وَالْهَوَانِ، كَمَا تَقُولُ: بَلَغَ فُلَانٌ الْحَضِيضَ إِذَا صَارَ فِي غَايَةِ الْجُمُودِ. وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ: سِجِّينٌ، نُونُهُ بَدَلٌ مِنْ لَامٍ، وَهُوَ مِنَ السِّجِّيلِ، فَتَلَخَّصَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أن سجين نُونُهُ أَصْلِيَّةٌ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ لَامٍ. وَإِذَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً، فَاشْتِقَاقُهُ مِنَ السِّجْنِ. وَقِيلَ: هُوَ مَكَانٌ، فَيَكُونُ كِتابٌ مَرْقُومٌ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُوَ كِتَابٌ. وَعَنَى بِالضَّمِيرِ عَوْدَهُ عَلَى كِتابَ الفُجَّارِ، أَوْ عَلَى سِجِّينٌ عَلَى حَذْفٍ، أَيْ هُوَ مَحَلُّ كِتابٌ مَرْقُومٌ، وكِتابٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute