للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْقُومٌ

تَفْسِيرٌ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ. وَالضَّمِيرُ الْمُقَدَّرُ الَّذِي هُوَ عَائِدٌ عَلَى سِجِّينٌ، أَوْ كِنَايَةٌ عَنِ الْخَسَارِ وَالْهَوَانِ، هَلْ هُوَ صِفَةٌ أَوْ عَلَمٌ؟ وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ:

أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا كُنْتَ تَعْلَمُ. مَرْقُومٌ: أَيْ مُثْبَتٌ كَالرَّقْمِ لَا يَبْلَى وَلَا يُمْحَى. قَالَ قَتَادَةُ: رُقِمَ لَهُمْ: بِشَرٍّ، لَا يُزَادُ فِيهِمْ أَحَدٌ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: مَرْقُومٌ:

مَخْتُومٌ بِلُغَةِ حِمْيَرَ، وَأَصْلُ الرَّقْمِ الْكِتَابَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

سَأَرْقُمُ فِي الْمَاءِ الْقُرَاحِ إِلَيْكُمْ ... عَلَى بُعْدِكُمْ إِنْ كَانَ لِلْمَاءِ رَاقِمُ

وَتَبَيَّنَ مِنَ الْإِعْرَابِ السَّابِقِ أَنَّ كِتابٌ مَرْقُومٌ بَدَلٌ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وَكَانَ ابْنُ عَطِيَّةَ قَدْ قَالَ: إِنَّ سِجِّينًا مَوْضِعُ سَاجِنٍ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَعِبَارَةٌ عَنِ الْخَسَارِ عَلَى قَوْلِ عِكْرِمَةَ، ثم قَالَ: كِتابٌ مَرْقُومٌ. مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي سِجِّينٍ، فَكِتَابٌ مُرْتَفِعٌ عِنْدَهُ عَلَى خَبَرِ إِنَّ، وَالظَّرْفُ الَّذِي هُوَ لَفِي سِجِّينٍ مُلْغًى. وَمَنْ قَالَ فِي سِجِّينٍ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، فَكِتَابٌ مَرْقُومٌ عَلَى خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ التَّقْدِيرُ هُوَ كِتابٌ مَرْقُومٌ، وَيَكُونُ هَذَا الْكِتَابُ مُفَسِّرًا لِسِجِّينٍ مَا هُوَ. انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: وَالظَّرْفُ الَّذِي هُوَ لَفِي سِجِّينٍ مُلْغًى قَوْلٌ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ اللَّامَ الَّتِي فِي لَفِي سِجِّينٍ دَاخِلَةٌ عَلَى الْخَبَرِ، وَإِذَا كَانَتْ دَاخِلَةً عَلَى الْخَبَرِ، فَلَا إِلْغَاءَ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، بَلْ هُوَ الْخَبَرُ. وَلَا جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّامُ دَخَلَتْ فِي لَفِي سِجِّينٍ عَلَى فَضْلَةٍ هِيَ مَعْمُولَةٌ لِلْخَبَرِ أَوْ لِصِفَةِ الْخَبَرِ، فَيَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُلْغًى لَا خَبَرًا، لِأَنَّ كِتَابٌ مَوْصُوفٌ بِمَرْقُومٍ فَلَا يَعْمَلُ، وَلِأَنَّ مَرْقُومًا الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِكِتَابٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ اللَّامُ فِي مَعْمُولِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَعْمُولُهُ عَلَى الْمَوْصُوفِ، فَتَعَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ: لَفِي سِجِّينٍ هُوَ خَبَرُ إِنَّ.

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ: صِفَةُ ذَمٍّ، كُلُّ مُعْتَدٍ: مُتَجَاوِزِ الْحَدِّ، أَثِيمٍ: صِفَةُ مُبَالَغَةٍ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: إِذا وَالْحَسَنُ: أَئِذَا بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ. وَالْجُمْهُورُ: تُتْلى بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَأَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ مِقْسَمٍ: بِالْيَاءِ. قِيلَ: وَنَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَرْثِ. بَلْ رانَ، قُرِئَ بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ، وَبِالْإِظْهَارِ وَقَفَ حَمْزَةُ عَلَى بل وقفا خفيفا يسير التبيين الْإِظْهَارِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَاذِشِ: وَأَجْمَعُوا، يَعْنِي الْقُرَّاءَ، عَلَى إِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سَكْتِ حَفْصٍ عَلَى بَلْ، ثُمَّ يَقُولُ: رانَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ مِنَ الْإِجْمَاعِ. فَفِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ عَنْ قَالُونَ: مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِظْهَارُ اللَّامِ عِنْدَ الرَّاءِ، نَحْوَ قَوْلِهِ:

بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ «١» ، بَلْ رَبُّكُمْ «٢» . وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَطِيَّةَ، وَقَرَأَ نَافِعٌ: بَلْ رانَ


(١) سورة النساء: ٤/ ١٥٨. [.....]
(٢) سورة الأنبياء: ٢١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>