للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّاظِرِ. نَضْرَةَ النَّعِيمِ، نَصْبًا. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَطَلْحَةُ وَشَيْبَةُ وَيَعْقُوبُ وَالزَّعْفَرَانِيُّ: تُعْرَفُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، نَضْرَةُ رَفْعًا وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَرَأَ: يُعْرَفُ بِالْيَاءِ، إِذْ تَأْنِيثُ نَضْرَةٍ مَجَازِيٌّ وَالنَّضْرَةُ تَقَدَّمَ شَرْحُهَا فِي قَوْلِهِ: نَضْرَةً وَسُرُوراً «١» .

مَخْتُومٍ، الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّحِيقَ خُتِمَ عَلَيْهِ تَهَمُّمًا وَتَنَظُّفًا بِالرَّائِحَةِ الْمِسْكِيَّةِ، كَمَا فَسَّرَهُ مَا بَعْدَهُ. وَقِيلَ: تُخْتَمُ أَوَانِيهِ مِنَ الْأَكْوَابِ وَالْأَبَارِيقِ بِمِسْكٍ مَكَانَ الطِّينَةِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:

خِتامُهُ: أَيْ خَلْطُهُ وَمِزَاجُهُ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَعَلْقَمَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ:

مَعْنَاهُ خَاتِمَتُهُ، أَيْ يَجِدُ الرَّائِحَةَ عِنْدَ خَاتِمَةِ الشَّرَابِ، رَائِحَةَ الْمِسْكِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: أَيْ أَبْزَارُهُ الْمُقَطَّعُ وَذَكَاءُ الرَّائِحَةِ مَعَ طِيبِ الطَّعْمِ. وَقِيلَ: يُمْزَجُ بِالْكَافُورِ وَيُخْتَمُ مِزَاجُهُ بِالْمِسْكِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الْخِتَامُ: الطِّينُ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ: خُتِمَ إِنَاؤُهُ بِالْمِسْكِ بَدَلَ الطِّينِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

كَأَنَّ مُشَعْشَعًا مِنْ خَمْرِ بصرى ... نمته البحت مَشْدُودُ الْخِتَامِ

وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَالنَّخَعِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: وَأَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَالْكِسَائِيُّ:

خَاتَمُهُ، بَعْدَ الْخَاءِ أَلِفٌ وَفَتَحَ التَّاءَ

، وَهَذِهِ بَيِّنَةُ الْمَعْنَى، إِنَّهُ يُرَادُ بِهَا الطَّبْعُ عَلَى الرَّحِيقِ.

وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَعِيسَى وَأَحْمَدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْأَنْطَاكِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: كَسْرُ التَّاءِ، أَيْ آخِرُهُ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ «٢» ، وَفِيهِ حَذْفٌ، أَيْ خَاتِمُ رَائِحَتِهِ الْمِسْكُ أَوْ خَاتَمُهُ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ وَيُقْطَعُ. مِنْ تَسْنِيمٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَشْرَفُ شَرَابِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ اسْمٌ مُذَّكَّرٌ لِمَاءِ عَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَسْنِيمٍ: عَلَمٌ لَعِينٌ بِعَيْنِهَا، سُمِّيَتْ بِالتَّسْنِيمِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ سنمه إذا رفعه. وعَيْناً نُصِبَ عَلَى الْمَدْحِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَلَى الْحَالِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: يُسْقَوْنَ عَيْنًا، يَشْرَبُ بِهَا: أَيْ يَشْرَبُهَا أَوْ مِنْهَا، أَوْ ضَمَّنَ يَشْرَبُ مَعْنَى يُرْوَى بِهَا أَقْوَالٌ. الْمُقَرَّبُونَ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو صَالِحٍ: يَشْرَبُهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا وَيُمْزَجُ لِلْأَبْرَارِ. وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ: الْأَبْرَارُ هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ، وَأَنَّ الْمُقَرَّبِينَ هُمُ السَّابِقُونَ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْأَبْرَارُ وَالْمُقَرَّبُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ يَقَعُ لِكُلِّ مَنْ نُعِّمَ فِي الْجَنَّةِ.

وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا وَجَمْعًا مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَرُّوا بِجَمْعٍ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَضَحِكُوا مِنْهُمْ وَاسْتَخَفُّوا بِهِمْ عَبَثًا، فَنَزَلَتْ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا، قَبْلَ أَنْ يَصِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ


(١) سورة الإنسان: ٧٦/ ١١.
(٢) سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>