انْصَدَعَ صَدْرُهُ عَنْ قَلْبِهِ، وَانْفَلَتَ أَبُو مَكْسُومٍ وَزِيرُهُ، وَطَائِرُهُ يَتْبَعُهُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَأَخْبَرَهُ بِمَا جَرَى لِلْقَوْمِ، فَرَمَاهُ الطَّائِرُ بِحَجَرِهِ فَمَاتَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. وَتَقَدَّمَ شَرْحُ سِجِّيلٍ فِي سُورَةِ هُودٍ، وَالْعَصْفِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ. شُبِّهُوا بِالْعَصْفِ وَرَقِ الزَّرْعِ الَّذِي أُكِلَ، أَيْ وَقَعَ فِيهِ الْأُكَّالُ، وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَهُ الدُّودُ وَالتِّبْنِ الَّذِي أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ وَرَاثَتُهُ. وَجَاءَ عَلَى آدَابِ الْقُرْآنِ نَحْوَ قَوْلِهِ: كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعامَ «١» ، أَوِ الَّذِي أُكِلَ حَبُّهُ فَبَقِيَ فَارِغًا، فَنَسَبَهُ أَنَّهُ أَكْلُ مَجَازٍ، إِذِ الْمَأْكُولُ حَبُّهُ لَا هُوَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مَأْكُولٍ: بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ، لِأَنَّ صِيغَةَ مَفْعُولٍ مِنْ فَعَلَ. وَقَرَأَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فِيمَا نَقَلَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ إِتْبَاعًا لِحَرَكَةِ الْمِيمِ وَهُوَ شَاذٌّ، وَهَذَا كَمَا اتَّبَعُوهُ فِي قَوْلِهِمْ: مَحَمُومٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ لِحَرَكَةِ الْمِيمِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
لَمَّا رَدَّ اللَّهُ الْحَبَشَةَ عَنْ مَكَّةَ، عَظَّمَتِ الْعَرَبُ قُرَيْشًا وَقَالُوا: أَهْلُ اللَّهِ قَاتَلَ عَنْهُمْ وَكَفَاهُمْ مؤونة عَدُوِّهُمْ، فَكَانَ ذَلِكَ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ إِجَابَةٌ لِدُعَاءِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
(١) سورة المائدة: ٥/ ٧٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute