للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّجَّاجُ، وَابْنُ عَطِيَّةَ، وَغَيْرُهُمَا. فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: أَوْ كَذِكْرٍ أَشَدِّ ذِكْرًا، فَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ قَدْ جُعِلَ لِلذِّكْرِ ذِكْرٌ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْمَصْدَرِ فِي: كَذِكْرِكُمْ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. قَالَ مَا نَصُّهُ: أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، عُطِفَ عَلَى مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ الذِّكْرُ فِي قَوْلِهِ: كَذِكْرِكُمْ، كَمَا تَقُولُ: كَذِكْرِ قُرَيْشٍ آبَاءَهُمْ أَوْ قَوْمٍ أَشَدِّ مِنْهُمْ ذِكْرًا، وَفِي قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ: الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ، فَهِيَ خَمْسَةُ وُجُوهٍ مِنَ الْإِعْرَابِ كُلُّهَا ضَعِيفٌ، وَالَّذِي يَتَبَادَرُ إِلَيْهِ الذِّهْنُ فِي الْآيَةِ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِأَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا يُمَاثِلُ ذكر آبَائَهُمْ أَوْ أَشُدَّ، وَقَدْ سَاغَ لَنَا حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِتَوْجِيهٍ وَاضِحٍ ذَهَلُوا عَنْهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ: أَشَدَّ، مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ: ذِكْرًا لَوْ تَأَخَّرَ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، كَقَوْلِهِمْ.

لِمَيَّةَ مُوحِشًا طَلَلُ فَلَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ: لِمَيَّةَ طَلَلٌ مُوحِشٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَأَخَّرَ هَذَا لَكَانَ: أَوْ ذِكْرًا أَشَدَّ، يَعْنِي:

مِنْ ذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ، وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ: أَوْ ذِكْرًا أَشَدَّ مَعْطُوفًا عَلَى مَحَلِّ الْكَافِ مِنْ:

كَذِكْرِكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرًا مَصْدَرًا، لِقَوْلِهِ: فَاذْكُرُوا كَذِكْرِكُمْ، فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، لِأَنَّهُ فِي التَّقْدِيرِ: نَعْتٌ نَكِرَةٌ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا فَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، وَيَكُونُ: أَوْ أَشَدَّ، مَعْطُوفًا عَلَى مَحَلِّ الْكَافِ حَالًا مَعْطُوفَةً عَلَى حَالٍ، وَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ: أَضْرِبُ مِثْلَ ضَرْبِ فُلَانٍ ضَرْبًا، التَّقْدِيرُ ضَرْبًا مِثْلَ ضَرْبِ فُلَانٍ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، وَحَسَّنَ تَأَخُّرَهُ أَنَّهُ كَالْفَاصِلَةِ فِي جِنْسِ الْمَقْطَعِ. وَلَوْ تَقَدَّمَ لَكَانَ: فَاذْكُرُوا ذِكْرًا كَذِكْرِكُمْ، فَكَانَ اللَّفْظُ يَتَكَرَّرُ، وَهُمْ مِمَّا يَجْتَنِبُونَ كَثْرَةَ التَّكْرَارِ لِلَّفْظِ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى، وَلِحُسْنِ الْقَطْعِ، تَأَخَّرَ.

لَا يُقَالُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ حَرْفِ الْعَطْفِ وَهُوَ: أَوْ، وَبَيْنَ الْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ: ذِكْرًا، بِالْحَالِ الَّذِي هُوَ: أَشَدَّ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا جَازَ ذَلِكَ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْصُولُ بِهِ قَسَمًا أَوْ ظَرْفًا أَوْ مَجْرُورًا، وَأَنْ يَكُونَ حَرْفُ الْعَطْفِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ حَرْفٍ، وَقَدْ وُجِدَ هَذَا الشَّرْطُ الْآخَرُ، وَهُوَ كَوْنُ الْحَرْفِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ حَرْفٍ، وَفُقِدَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْمَفْصُولَ بِهِ لَيْسَ بِقَسَمٍ وَلَا ظَرْفٍ وَلَا مَجْرُورٍ، بَلْ هُوَ حَالٌ، لِأَنَّ الْحَالَ هِيَ مَفْعُولٌ فِيهَا فِي الْمَعْنَى، فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْحَرْفِ، فَيَجُوزُ فِيهَا مَا جَازَ فِي الظَّرْفِ. وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ: ذِكْرًا، تَمْيِيزًا لِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى، فَيَكُونُ: لِلذِّكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>