ظَاهِرٌ أَنَّهُ لِلْحُجَّاجِ، إِذِ الْكَلَامُ مَعَهُمْ، وَالْخِطَابُ قَبْلُ لَهُمْ، وَالْإِخْبَارُ بَعْدُ عَنْهُمْ، فَلَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ مَعَهُمْ فِي هَذَا الذِّكْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ.
وَمَنْ حَمَلَ الذِّكْرَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ عَقِبَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مِنْهُمْ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْكَيْفِيَّةِ.
أَمَّا وَقْتُهُ:
فَمِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَهُ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ
، وَابْنُ عَبَّاسٍ، أَوْ: مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. أَوْ: مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ هَذَا. أَوْ: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. أَوْ: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. أَوْ: مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ. أَوْ: مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. أَوْ: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، قَالَهُ الْحَسَنُ. أَوْ: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَهُ أَبُو وَائِلٍ. أَوْ: مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
وَأَمَّا الْكَيْفِيَّةُ: فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ ثَلَاثُ تَكْبِيرَاتٍ وَفِي مَذْهَبِهِ أَيْضًا رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَزِيدُ بَعْدَهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَخْتَصُّ التَّكْبِيرُ بِأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ مَالِكٌ:
مُفْرِدًا كَانَ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَعَنْ أَحْمَدَ: الْقَوْلَانِ، وَالْمُسَافِرُ كَالْمُقِيمِ فِي التَّكْبِيرِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، وَمَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْمُسَافِرِينَ إِذَا صَلَّوْا جَمَاعَةً لَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِمْ، فَلَوِ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ كَبَّرَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ عَقِبَ السَّلَامِ، وَالْجُمْهُورُ يَعْمَلُ شَيْئًا يَقْطَعُ بِهِ الصَّلَاةَ مِنْ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ حِينَ فَرَغَ وَذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَجْلِسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute