تَكُونَ حَالًا مَعْطُوفَةً عَلَى: وَيُشْهِدُ إِذَا كَانَتْ حَالًا، أَوْ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي:
وَيُشْهِدُ.
وَإِذَا كَانَ الْخِصَامُ جَمْعًا، كَانَ أَلَدُّ مِنْ إِضَافَةِ بَعْضٍ إِلَى كُلٍّ، وَإِذَا كَانَ مَصْدَرًا فَقَدْ ذَكَرْنَا تَصْحِيحَ ذَلِكَ بِالْحَذْفِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ فَهُوَ كَالْجَمْعِ فِي أَنَّ أَفْعَلَ بَعْضُ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَإِنْ تَأَوَّلْتَ أَفْعَلَ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا، فَأَلَدُّ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْخِصَامُ الْمُخَاصَمَةُ، وَإِضَافَةُ الْأَلَدِّ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِهِمْ ثَبْتُ الْغَدَرِ. انْتَهَى.
يَعْنِي أَنَّ: أَفْعَلَ لَيْسَ مِنْ بَابِ مَا أُضِيفَ إِلَى مَا هُوَ بَعْضُهُ، بَلْ هِيَ إِضَافَةٌ عَلَى مَعْنَى:
فِي، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَزْعُمُهُ النُّحَاةُ مِنْ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يُضَافُ إِلَّا لِمَا هِيَ بَعْضٌ لَهُ، وَفِيهِ إِثْبَاتُ الْإِضَافَةِ بِمَعْنَى فِي، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ فِي النَّحْوِ، قَالُوا: وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ على الِاحْتِيَاطِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَاسْتِوَاءِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَالْقُضَاةِ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَعْمَلُ عَلَى ظَاهِرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَمَا يَبْدُو مِنْ إِيمَانِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ، حَتَّى يَبْحَثَ عَنْ بَاطِنِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ أَحْوَالَ النَّاسِ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ جَمِيلًا وَيَنْوِي قَبِيحًا.
وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ حَقِيقَةُ التَّوَلِّي الِانْصِرَافُ بِالْبَدَنِ، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِيمَا يُرْجَعُ عَنْهُ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وَمَعْنَاهُ هُنَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: غَضِبَ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنِ الرِّضَى الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: انْصَرَفَ عَنِ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ: انْصَرَفَ بِبَدَنِهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنَ الْوِلَايَةِ، أَيْ:
صَارَ وَالِيًا.
وَالسَّعْيُ حَقِيقَةً الْمَشْيُ بِالْقَدَمَيْنِ بِسُرْعَةٍ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ هَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْهُ، وَالْمَعْنَى: وَإِذَا نَهَضَ عَنْكَ يَا مُحَمَّدُ بَعْدَ إِلَانَةِ الْقَوْلِ وَحَلَاوَةِ الْمَنْطِقِ، فَسَعَى بِقَدَمَيْهِ فِي الْأَرْضِ، فَقَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَفْسَدَ فِيهَا، كَمَا فَعَلَهُ الْأَخْنَسُ بِثَقِيفٍ.
وَقِيلَ: السَّعْيُ هُنَا الْعَمَلُ، وَهُوَ مَجَازٌ سَائِغٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ: وَأَنْ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute