للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح مقدمة المواهب]

[مدخل]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح مقدمة المواهب:


قال رحمه الله: "بسم الله الرحمن الرحيم" بدأ بها عملا بقوله -صلى الله عليه وسلم: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو أقطع". رواه الخطيب وغيره من حديث أبي هريرة وأصله في سنن أبي داود، وابن ماجه، والنسائي في عمل يوم وليلة، وابن حبان في صحيحه، بلفظ بالحمد، وفي لفظ أبتر، وآخر أجذم بجيم وذال معجمة، تشبيه بليغ في العيب المنفر.
واقتداء بأشرف الكتب السماوية، فإن العلماء متفقون على استحباب ابتدائه بالبسلمة في غير الصلاة وإن لم يقل بأنها منه، كما قاله الخطاب، فسقط اعتراض مالكي على من قال ذلك من المالكية، والأصح أنها بهذه الألفاظ العربية، على هذا الترتيب من خصائص المصطفى وأمته المحمدية، مما في سورة النمل جاء على جهة الترجمة عما في ذلك الكتاب، فإنه لم يكن عربيًا، كما أتقنه بعض المحققين وعند الطبراني عن بريدة رفعه: "أنزل عليّ آية لم ينزل على نبي بعد سليمان غيري {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١] ".
وحديث: " {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} كل كتاب"، رواه الخطيب في الجامع معضلا فيه وجهان أحدهما: لفظ البسملة قد افتتح به كل كتاب من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء، والثاني: إن حقها أن تكون في مفتتح كل كتاب، استعانة وتيمنا بها وهذا أقرب، وإن زعم أن المتبادر الأول، فلا ينافي الخصوصية، ولئن سلم فهو معضل لا حجة فيه.
وفي الاسم لغات معلومة، وفي أنه عين المسمى أو غيره كلام سيجيء إن شاء الله تعالى في أول المقصد الثاني، وإضافته إلى الله من إضافة العام للخاص كخاتم حديد، واتفق على أنه أعرف المعارف، وإن كان علمًا انفرد به سبحانه فقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥] وهو عربي، ونطق غير العرب به من توافق اللغات، مرتجل جامد عند المحققين وقيل مشتق، وعليه جمهور النحاة وهو اسم الله العظيم، كما قاله جماعة، لأنه الأصل في الأسماء الحسنى، لأن سائر الأسماء تضاف إليه، وعدم إجابة الدعاء به لكثير, لفقد شروط الدعاء التي منها أكل الحلال البحت وحفظ اللسان والفرج.
والرحمن المبالغ في الرحمة والإنعام، صفة الله تعالى؛ وعورض بوروده غير تابع لاسم قبله. قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] , {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: ١/ ٢] ، وأجيب بأنه وصف يراد به الثناء، وقيل عطف بيان، ورده السهيلي، بأن اسم الجلالة الشريفة غير مفتقر، لأنه أعرف المعارف كلها؛ ولذا قالوا: "وما الرحمن"، ولم يقولوا: وما الله.
والرحيم: فعيل, حول من فاعل للمبالغة، والاسمان مشتقان من الرحمة، وقرن بينهما

<<  <  ج: ص:  >  >>