"القسم الثاني: ما" أي: أشياء "اختص به صلى الله عليه وسلم" عن الأمة، فلا ينافي مشاركة الأنبياء له في بعضها "مما حرم عليه" دون أمته، ليكثر ثوابه في اجتنابه، وخص بها تكرمة له، لأن أجر ترك المحرم أكثر من أجر ترك المكروه، وفعل المندوب، "فمنها" أي: المحرمات عليه وعلى آله لأجله: "تحريم الزكاة عليه" أي: أخذها وعدم سقوطها عن مالكها لو وقع، "وكذا الصدقة" والكفارة والنذور "على الصحيح المشهور المنصوص، قال عليه الصلاة والسلام: "إنا لا نأكل الصدقة" وهي تشمل الفرض والنفل "رواه مسلم". قال البلقيني: وخرجت على ذلك؛ أنه يحرم أن يوقف عليه معينًا؛ لأن الوقف صدقة تطوع، قال: وفي الجواهر له يؤيده، فإنه قال: صدقة التطوع كانت حرامًا عليه. وعن أبي هريرة، أن صدقات الأعيان كانت حرامًا عليه دون العامة، كالمساجد ومياه الآبار، قاله في الأنموذج. "ومن قال بإباحتها له ويقول: لا يلزم من امتناعه من أكلها تحريمها، فلعله ترك ذلك تنزهًا مع إباحتها له، وهذا خلاف ظاهر الحديث" بل يرده قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة" رواه أحمد بإسناد قوي، كما في الفتح، وجزم الحسن البصري؛ بأن الأنبياء مثله، لأنها أوساخ، وقال ابن عيينة: تحل لهم بدليل: وتصدق علينا. "قال شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح التقريب: وعلى كل حال ففيه أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام الامتناع من أكل الصدقة، إما وجوبًا وإما تنزهًا، انتهى" لأن القائل بالتنزه لم يقل بأكلها، "والحكمة في ذلك صيانة منصبه الشريف عن أوساخ أموال الناس" لأن الصدقة تطهر المال واجبة، كالزكاة، أو مندوبة كالتطوع، ولأنها تنبئ عن ذل الآخذ وعز المأخوذ منه، وأبدل بها الفيء المأخوذ بالقهر والغلبة لأنبائه بعز الآخذ وذل المأخوذ منه. "ومنها: تحريم الزكاة على آله" وهم مؤمنو بني هاشم وبني المطلب عند الشافعية