للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عام الفيل وقصة أبرهة":


فقصت رؤياها عليهم فنظروا فوجدوا هذه الصفة صفة عبد المطلب، فاجتمعوا إليه وأخرجوا من كل بطن منهم رجلا وفعلوا ما أمرتهم به، ثم علوا على أبي قبيس ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام فتقدم عبد المطلب، وقال لهم: هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك وإماؤك وبنو إمائك، وقد نزل بنا ما ترى وتتابعت علينا هذه السنون، فذهبت بالظلف والخف وأشقت على الأنفس، فاذهب عنا الجدب، وائتنا بالحيا والخصب، فما برحوا حتى سالت الأودية، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم سقوا، فقالت رقيقة:
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا ... وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر
فجاد بالماء جوني له سبل ... دان فعاشت به الأنعام والشجر
منا من الله بالميمون طائره ... وخير من بشرت يومًا به مضر
مبارك الأمر يستسقى الغمام به ... ما في الأنام عدل ولا خطر
اجلوذ بجيم ساكنة فلام مفتوحة فواو مشددة فذال معجمة: امتدت وقت تأخره وانقطاعه. وجوني بفتح الجيم وسكون الواو فنون فتحتية مشددة: مطر هاطل، وسبل بفتح السين والموحدة وباللام: المطر. وبشرت بالبناء للفاعل.
قصة الفيل:
أورد المصنف منها طرفًا تنبيهًا على أن دفعهم من أجل النعم على قريش ببركته صلى الله عليه وسلم على يد جده، وحاصلها: أنه لما كان المحرم والنبي صلى الله عليه وسلم حمل في بطن أمه على الصحيح، حضر أبرهة بن الصباح الأشرم يريد هدم الكعبة؛ لأنه لما غلب على اليمن وملكها من قبل النجاشي، رأى الناس يتجهزون أيام الموسم للحج، فقال: أين يذهبون؟ فقيل: يحجون بيت الله بمكة، قال: وما هو؟ قيل: من الحجارة، قال: وما كسوته؟ قيل: ما يأتي من هنا من الوصائل، فقال: والمسيح لأبنين لكم خيرًا منه، فبنى لهم كنيسة بصنعاء بالرخام الأبيض والأصفر والأحمر والأسود، وحلاها بالذهب والفضة وأنواع الجواهر، وأذل أهل اليمن على بنائها وكلفهم فيها أنواعًا من الشجر ونقل لها الرخام المجزع والحجارة المنقشة بالذهب والفضة من قصر بلقيس، وكان على فرسخ من موضعها ونصب فيها صلبانًا من ذهب وفضة ومنابر من عاج وأبنوس وغيره، وكان يشرف منها على عدن لارتفاع بنائها وعلوها، ولذا سماها القليس -بضم القاف- وفتح اللام مشددة ومخففة فتحتية ساكنة فسين مهملة، أو بفتح القاف وكسر اللام؛ لأن الناظر لها تسقط قلنسوته عن رأسه، وقيل: إنما سماها بذلك العرب فيحتمل أنهم تبعوه، واحتمال عكسه

<<  <  ج: ص:  >  >>