للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلد التاسع]

[تابع: المقصد السادس: ما ورد في آي التنزيل من عظم قدره ورفع ذكره]

[النوع العاشر: في إزالة الشبهات عن آيات وردت في حقه]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

النوع العاشر: في إزالة الشبهات عن آيات وردت في حقه عليه الصالة والسلام متشابهات

قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: ٧] .

اعلم أنه قد اتفق العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم ما ضل لحظة واحدة قط، وهل هو جائز عقلًا على الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- قبل النبوة.

قالت المعتزلة: هو غير جائز عقلًا لما فيه من التنفير.

وعند أصحابنا: أنه جائز في العقول، ثم يكرم الله من أراده بالنبوة، إلا أن الدليل السمعي قام على أن هذا الجائز لم يقع لنبي، قال الله تعالى: {مَا ضَلَّ


"النوع العاشر":
"في إزالة الشبهات" جمع شبهة، وهي ما يرى دليلًا، وليست بدليل، لفساد القيا أو لغير ذلك "عن آيات وردت في حقه عليه الصلاة والسلام، متشابهات" محتملات، لا يتضح مقصودها لإجمال أو مخالفة ظاهر، إلا بالفحص والنظر، أو دل القاطع على أن ظاهرها غير مراد، ولم يدل على المراد، وتطلق المتشابهات أيضًا على ما استأثر الله بعلمه، وليس بمراد هنا.
قال الله تعالى {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: ٧] أي: منها هذه الآية، لأن القواطع دلت على أن ظاهرها ليس بمراد، وأفاد هذا بنقل الإجماع، بقوله: "اعلم أنه قد اتفق العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم ما ضل لحظة واحدة "قط"؛ بأن ظن بالله ما هو محال عليه، "وهل هو" أي الضلال المفهوم من قوله: ما ضل "جائز عقلًا على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين قبل النبوة، قالت: المنزلة هو غير جائز عقلًا لما فيه" أي: تجوزير تلبسهم به وظهوره عليهم "من التنفير" عن اتباعهم بعد الوحي وإجابتهم للإيمان والطاعة، ولا يخفى أن هذه علة باردة، فالتنفير فعل المنفر، وأي فعل في تجويز العقل، فالتجويزات العقلية لا يلزم منها شيء البتة، فالعقل يجوز انقلاب البحر دمًا والحجر ذهبًا، ونحو ذلك قرره شيخنا، "وعند أصحابنا" أهل السنة "أنها جائز في العقول" وهو أبلغ في اتباعهم، لأنه حيث جاز عقلًا، ولم يقع علم أنهم مصطفون عند الله صادقون فيما أخبروا به عنه "ثم يكرم الله من أراده بالنبوة" بالعصمة من ابتدائه إلى منتهاه فحذف صلة يكرم ولذا عدل عن أن يقول ثم يكرمهم "غلا أن الدليل السمعي، قام على أن هذا الجائز لم يقع النبي" من الأنبياء أصلًا قال الله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: ٢] ، "قاله الإمام فخر الدين" الرازي: ويقال عليه الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>