"في" بيان ما يدل على "وصفه تعالى له" صلى الله عليه وسلم، "بالشهادة" على وحدانية الله وغيرها، مما يأتي في: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: ٤٥] ، "وشهادته" تعالى "له بالرسالة" أي: إخباره بذلك، فالشهادة خبر قاطع، كما في القاموس، وغيره. "قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام" أي: ما وقع منهما من الألفاظ الحادثة، المنزلة على المصطفى، وإيجادها متأخر عن بعثته، فلا يرد أن كلامه تعالى قديم سابق على قولهما، فكيف يكون حكاية لما قالاه "عند" تمام "بناء البيت" إذ الدعاء إنما كان بعد أن فرغا من بنائه "الحرام"، أي: الكعبة، إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل، {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ} للقول، {الْعَلِيمُ} بالفعل، {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ} منقادين {لَكَ} اجعل {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا} أولادنا {أُمَّةً} جماعة {مُسْلِمَةً لَكَ} ومن للتبعيض، وأتى به لتقدم قوله له: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين} [البقرة: ١٢٤] الآية، {وَأَرِنَا} علمنا {مَنَاسِكَنَا} شرائع عبادتنا، أو حجنا، {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} سألاه التوبة مع عصمتهما تواضعًا وتعليمًا لذريتهما، {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ} أي: أهل البيت، {رَسُولًا مِنْهُمْ} من أنفسهم {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} القرآن، {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} القرآن {وَالْحِكْمَةَ} ما فيه من الأحكام، {وَيُزَكِّيهِمْ} يطهرهم من الشرك {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} الغالب {الْحَكِيمُ} في صنعه، "فاستجاب الله دعاءهما" بقولهما: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} ، "وبعث في أهل مكة منهم رسولًا بهذه الصفة من ولد إسماعيل الذي دعا مع أبيه إبراهيم عليهما السلام بهذا الدعاء" أفاد أن المبتدئ بالدعاء إبراهيم، فوافقه إسماعيل، فلذا خص إبراهيم في الخبر الآتي، لكونه المبتدئ به، وزعم أن الدعاء كان من إبراهيم وضم إليه إسماعيل لمشاركته له في الدعاء، بتأمينه عليه أو غيره فاسد؛ لأن التأمين من خصوصية هذه الأمة،