"وقدم عليه -صلى الله عليه وسلم- وفد عذرة" بمهملة مضمومة، ومعجمة ساكنة، فراء مفتوحة، فتاء تأنيث- قبيلة باليمن من قضاعة. روى الواقدي: إنهم وفدوا "في صفر سنة تسع، وكانوا اثني عشر رجلًا، منهم جمرة بن النعمان", وسعد وسليم ابنا مالك، هكذا نقله في الإصابة عن الواقدي، فقصر البرهان في قوله: لا أعرف منهم إلا جمرة بن النعمان بن هوذة بن مالك بن سمعان العذري. قال الكلبي: هو أوّل من قدم بصدقة قومه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، وقال الطبري: هو سيد بني عذرة، ووفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- بصدقة قومه، فأقطعه -صلى الله عليه وسلم- حصر قوسه ورمية سوطه من وادي القرى، فنزلها إلى أن مات، ذكره ابن شاهين، لكنه أخرجه في الحاء المهملة، وكذا ابن بشكوال، فوهِمَا فيه، فقد ضبطه الدارقطني بالجيم والراء. وقال الواقدي: حدثنا شعيب بن ميمون، عن أبي مرانة البلوي: سمع جمرة بن النعمان العذري، وكانت له صحبة, يقول: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدفن الشعر والدم، أخرجه الدارقطني من طريقه انتهى، "فرحَّب بهم -عليه الصلاة والسلام" أي: قال لهم: "مرحبًا بكم وأهلًا"، أي: لقيتم رحبًا وسعة فاستأنسوا، ولفظ الرواية، فقال -صلى الله عليه وسلم: "من القوم"؟ فقال متكلمهم: من لا تنكر, نحن بنو عذرة إخوة قصي لأمه، نحن الذين عضدوا قصيًّا، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام. قال -صلى الله عليه وسلم: "مرحبًا بكم وأهلًا، ما أعرفني بكم، فما يمنعكم من تحية الإسلام"، قالوا: كنا على ما كان عليه آباؤنا، وجئنا مرتادين لأنفسنا ولقومنا، فإلام تدعو؟ قال: "إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن تشهدوا أني رسول الله إلى الناس كافة"، فقال متكلمهم: فما وراء ذلك من الفرائض، فأخبرهم بجميعها، فقالوا: الله أكبر, نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قد أجبناك إلى ما دعوت إليه، ونحن أعوانك وأنصارك يا رسول الله، إن متجرنا الشام، وبه هرقل، فهل أوحي إليك في أمره بشيء؟ قال: "أبشروا، فإن الشام ستفتح عليكم، ويهرب هرقل إلى ممتنع