للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكلوا منها حتى نهلوا, وردَّت القصعة وفيها شيء، فجمع في قصة صغيرة فأرسل بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت أم سلمة، فأصاب منها هو ومن معه في البيت حتى نهلوا، ثم أكل منها الضيف ما أقاموا، يرددون ذلك عليهم وما تغيض، حتى جعلوا يقولون: يا أبا معبد، إنك لتنهلنا من أحبّ الطعام إلينا، وما كنا نقدر على مثل هذا إلّا في الحين، فأخبرهم أبو معبد بخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أكل منها وردَّها، فإن هذه بركة أصابعه -عليه الصلاة والسلام، فجعل القوم يقولون: نشهد أنه رسول الله، وازدادوا يقينًا، وتعلَّموا الفرائض, وأقاموا أيامًا، ثم ودَّعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فأمر لهم بجوائز وانصرفوا إلى أهليهم.


والتمر والسمن جميعًا والأقط ... الحيس إلا أنه لم يختلط
قالت ضباعة: كنا قد هيأناها قبل أن يحلوا، لنجلس عليها، فحملها أبو معبد المقداد، وكان كريمًا على الطعام، "فأكلوا منها حتى نهلوا" بفتح النون وكسر الهاء، وأصله الشرب, الأول أطلق على الأكل مجازًا علاقته أن الشرب لازم للأكل غالبًا، "وردَّت" البناء للمفعول "القصعة" بالفتح، ولا تكسر، "وفيها شيء، فجمع في قصعة صغيرة، فأرسل بها" لفظ الرواية عن ضباعة، فجمعنا ذلك في قصعة صغيرة، ثم بعثنا بها مع سدرة مولاتي "إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم" فوجدته "في بيت أم سلمة" فقال -صلى الله عليه وسلم: "ضباعة أرسلت بهذا"؟ قالت سدرة: نعم يا رسول الله، قال: "ضعي" , ثم قال: "ما فعل ضيف أبي معبد"؟ قلت: عندنا، "فأصاب منها هو ومن معه في البيت حتى نهلوا" وأكلت معهم سدرة، "ثم" قال: "اذهبي بما بقي إلى ضيفكم"، فرجعت بها، فـ "ـأكل منها الضيف ما أقاموا" مدة إقامتهم، وجمع مع أن الضيف مفردًا للفظ؛ لأن المراد هنا الثلاثة عشر "يرددون ذلك عليهم وما تغيض" بفتح الفوقية، وكسر المعجمة، ثم تحتية، فمعجمة، أي: تنقص، "حتى جعلوا يقولون: يا أبا معبد, إنك لتنهلنا" بضم أوله، وكسر الهاء- لتشبعنا حتى نحتاج إلى النهل الشرب الأول، "من أحب الطعام إلينا، وما كنَّا نقدر على مثل هذا إلا في الحين" أي: نادر من الزمن، وقد ذكر لنا أن بلادكم قليلة الطعام، إنما هو العلق، أو نحوه، ونحن عندك في الشبع، "فأخبرهم أبو معبد" كنية المداد بن الأسود من السابقين، شهد بدرًا، ولم يثبت أنه شهدها فارس غيره "بخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أنه أكل منها وردَّها، فإن هذه بركة أصابعه -عليه الصلاة والسلام، فجعل القوم يقولون: نشهد أنه رسول الله، وازدادوا يقينًا" وذلك الذي أراد -صلى الله عليه وسلم، فأتوه فأسلموا، أي: أظهروه عنده بالنطق بالشهادتين، "وتعلَّموا الفرائض، وأقاموا أيامًا" لم يبين عدتها، "ثم ودَّعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فأمر لهم بجوائز" لم يبيِّن أيضًا قدرها، "وانصرفوا إلى أهليهم" باليمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>