"وأمَّا كلام الحيوانات" أي: جنسها لا جميعها؛ إذ لم يرد كلام جميعها له، وإن انقادت له، وفرق بين الكلام اللفظي والانقياد بمعنى علمها به، وفي حديث: "ما بين السماء والأرض شيء إلا ويعلم أني رسول الله، إلا عاصي الجن والإنس"، رواه البيهقي وغيره، "وطاعتها له -صلى الله عليه وسلم" عطفها على الكلام، إشارة إلى أن الانقياد يكون بلفظ وبدونه، وجعل المصنف القصد هنا نفس الكلام، والانقياد والأحاديث دالة على ذلك، وفيما سبق من قوله. وأمَّا ما روى من طاعات الجمادات، وتكليمها له، بيان الأحاديث المروية في ذلك، ولعل نكتته زيادة على التفنن، الإشارة إلى أن القصد بهما واحد يحصل بكل من العبارتين. "فمنها" أي: هذه المعجزة المعبَّر عنها بمجموع الكلام والطاعة، وإلّا فالظاهر منهما بالتثنية؛ لأن كل واحد معجز بانفراده، ولعلَّ وجه العدول للإفراد النظر للمعنى، وهو أن كل واحد من الجزئيات مقصود بالإخبار به، وأنه معجز، "سجود الجمل وشكواه إليه -صلى الله عليه وسلم" كثرة العمل وقلة علف. "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه، كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون" يسقون عليه، "وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،" أي: الانتفاع به، كنَّى عن ذلك بالظهر؛ لأن الانتفاع بالإبل، بالجمل على ظهورها غالبًا، وأن الأنصار" أصحاب هذا