للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلام الذئب وشهادته له "صلى الله عليه وسلم" بالرسالة]

ومنها: قصة كلام الذئب وشهادته له -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة.

اعلم أنه قد جاء حديث قصة كلام الذئب في عدة طرق من حديث أبي هريرة وأنس وابن عمر وأبي سعيد الخدري.

فأما حديث أبي سعيد، فرواه الإمام أحمد بإسناد جيد, ولفظه قال: عدا الذئب على شاة فأخذها، فطلبه الراعي فانتزعها منه, فأقعى الذئب على ذنب وقال: ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقًا ساقه الله إلي، فقال الراعي: يا عجبًا، ذئب مقع على ذنبه يكلمني بكلام الإنس، فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك: محمد.......................................


كلام الذئب وشهادته له "صلى الله عليه وسلم" بالرسالة:
"ومنها: قصة كلام الذئب" إضافة بيانية؛ إذ المراد معجزة الكلام، لا القصة، وعبَّر بقصة دون سابقة، نظرًا لقولهم قصة الجمل مثلًا، وأل في الذئب جنسية لتعدد القصة، بدليل روايتي أبي هريرة وكلامه، وإن كان لغيره، لكن إقراره به معجزة، "وشهادته" بالجر، عطف على كلام "له -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة".
"اعلم: إنه قد جاء حديث قصة كلام الذئب في عدة طرق من حديث أبي هريرة، وأنس، وابن عمر" بن الخطاب "وأبي سعيد الخدري" المتبادر تعدد الطرق عن كل واحد من الأربعة، وليس بمراد، "فأمَّا حديث أبي سعيد، فرواه الإمام أحمد بإسناد جيد،" أي: مقبول، وكذا رواه الترمذي، والحكم، وصححاه.
"ولفظه: قال" أبو سعيد, لما ثبت ذلك عنده، وتحققه، وإن لم يحضره، فكان كالمشاهد له: عدا" هجم "الذئب على شاة، فأخذها" بغير اختيار صاحبها", فشابه الظالم المتجاوز الحد فعبَّر بعدا", وفي لفظ: عرض الذئب لشاة، "فطلبه الراعي" سعى خلفه حتى أدركه، وفي القاموس: طلبه طلبًا محركة، حاول وجوده وأخذه, فكأنه استعمل الطلب في محاولة الوجود، ومع ذلك فيه حذف، والتقدير: حاول وجوده حتى أدركه، "فانتزعها منه، فأقعى الذئب" ألصق ألييه بالأرض، ونصب ساقية, وتساند إلى ظهره، كما في الصحاح وغيره، فقوله: "على ذنبه" ليس صلة أقعى؛ لأن ليس من مسماه، فهو متعلق بمقدَّر، أي: واعتمد على ذنبه، أي: جعله بين رجليه، كما يفعل الكلب، ويفيد هذا ما يأتي في تفسير الاستنفار.
"وقال" للراعي: "ألا" حرف استفتاح "تتقي الله" تخافه وتحذره، "تنزع مني رزقًا" وفي رواية: حلت بيني وبين رزق "ساقه الله إلي", سخَّره لي بأن مكَّنَني منه، "فقال الراعي: يا عجبًا! ذئب مقع على ذنبه، يكلمني بكلام الإنسان، وفي رواية: البشر، وهما بمعنى, تعجب منه؛ إذ ليس شأنه، "فقال الذئب" مجيبًا له، زاد في رواية: أتعجب مني؟ قال: كيف لا أعجب من ذئب مستوفز ذنبه يتكلم، فقال الذئب: والله إنك لتترك أعجب من هذا، "ألا أخبرك بأعجب

<<  <  ج: ص:  >  >>