"وقدم عليه -عليه الصلاة والسلام- وفد ثقيف بعد قدومه -عليه الصلاة والسلام- من تبوك" المدينة في رمضان، كما قال ابن سعد وابن إسحاق، وجزم به مغلطاي، وقال بعضهم: في شعبان سنة تسع، وأما خروجه من المدينة إلى تبوك فكان يوم الخميس في رجب سنة تسع اتفاقًا كما مَرَّ، "وكان من أمرهم" أي: من جملة الأشياء المتعلقة بثقيف "أنه -صلى الله عليه وسلم- لما انصرف من الطائف" أي: ترك محاصرته، وعزم على السفر، "قيل له: يا رسول الله, ادع لنا ثقيف" فقد أحرقتنا نبالهم، "فقال: "اللهم اهد ثقيفًا" إلى الإسلام "وأت بهم" مسلمين. روى الترمذي، وحسَّنه عن جابر قال: قالوا: يا رسول الله, أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم، فقال: "اللهم اهد ثقيفً وأت بهم". وعند البيهقي عن عروة، ودعا -صلى الله عليه وسلم- حين ركب قافلًا، فقال: "اللهم اهدهم، واكفنا مؤنتهم"، "ولما انصرف عنهم،" أي: شرع فيه بالفعل ليغاير ما قبله "اتبع بشد التاء "أثره" بتثليث الهمزة وفتح المثلثة وإسكانها "عروة بن مسعود" بن معتب -بمهملة وفوقية مشددة، أن مالك كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفي، وهو عمّ والد المغيرة بن شعبة، وأمه سبيعة بنت عبد مناف، كان أحد الأكابر, ممن قيل: إنه المراد بقوله تعالى: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١] الآية، قال ابن عباس وجماعة: أرادوا الوليد بن المغيرة من أهل مكة، وعروة بن مسعود من أهل الطائف. وفي مسلم: عرض على الأنبياء الحديث, وفيه: ورأيت عيسى فإذا أقرب من رأيت به شبهًا عروة بن مسعود، وله ذكر في الصحيح في قصة الحديبية، وكانت له اليد البيضاء في تقرير الصلح، وترجمة ابن عبد البر بأنه شهد الحديبية، وليس كذلك، فالعرف إذا أطلق على الصحابي أنه شهد غزوة كذا، فالمراد شهدها مسلمًا, فلا يقال شهد معاوية بدرًا؛ لأنه إذا أطلق ذلك ظنّ من لا خبرة له لكونه عرف أنه صحابي أنه شهدها مع المسلمين، أفاده في الإصابة. "حتى أدركه" أي: لحقه، ففيه تجريد، ففي المصباح: أدركته إذا طلبته، فلحقته "قبل أن يدخل المدينة"، كما عند ابن إسحاق، وعند موسى بن عقبة عن الزهري وأبي الأسود، عن عروة: لما صدر أبو بكر من الحج سنة تسع قدم عروة بن مسعود على النبي -صلى الله عليه وسلم، "فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام" أي: بإظهاره, وطلبه منهم. وعند ابن عقبة وغيره، فقال: إني أخاف أن يقتلوك، فقال: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني.