روى أحمد وابن أبي شيبة عنه -صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة مع السيف، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تَشَبَّه بقوم فهو منهم" فيه إشارة إلى فضل الرمح، وحِلّ الغنائم، وأنَّ رزقه -صلى الله عليه وسلم- جُعِلَ فيها، لا في غيرها من المكاسب، ولذا قيل: إنها أفضل المكاسب. والمراد بالصغار -بفتح المهملة، وبالمعجمة: بذل الجزية، وفي قوله: "تحت ظلّ رمحي" إشارة إلى أن ظله ممدود إلى أبد الأبد، وحكمة الاقتصار على الرمح دون غيره من آلات الحرب كالسيف, أن عادتهم جرت بجعل الرايات في أطراف الرماح، فلمَّا كان ظل الرمح أسبغ, كان نسبة الرزق إليه أليق، ونسبت الجنة إلى ظل السيف في قوله -صلى الله عليه وسلم: "الجنة تحت ظلال السيوف"؛ لأن الشهادة تقع به غالبًا؛ ولأن ظل السيف يكثر ظهوره بكثرة حركة السيف في يد المقاتل، ولأنَّ ظله لا يظهر إلا بعد الضرب؛ لأنه قبل ذلك يكون مغمدًا معلقًا. أفاده في فتح الباري. "أمَّا أسيافه -عليه الصلاة والسلام" قدَّمَها على غيرها؛ لأنها أهم آلات الحرب، وإن لم تذكر في الأمثلة، فالترجمة شملتها، وآثر جمع القلة، فلم يقل: سيوفه, لمناسبته لكونها تسعة، كا قال، "فكان له تسعة أسياف: مأثور" بهمزة ساكنة ومثلثة، "وهو أول سيف ملكه -عليه الصلاة والسلام", ورثه من أبيه. ذكره اليعمري، وهي مسألة نزاع, حتى قال بعضهم: ليس في كون الأنبياء يرثون نقل، وبعضهم قال: لا يرثون، كما لا يورَثون، وإنما ورث أبويه قبل الوحي، وصرَّح شيخ