"وقدم عليه -صلى الله عليه وسلم- وفد بني مرة" بضم الميم وشد الراء فتاء تأنيث- ابن كعب بن لؤي. قال الواقدي: حدَّثني عبد الرحيم بن إبراهيم المدني، عن أشياخه، قالوا: قدم وفد بني مرة، منصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تبوك سنة تسع، "وكانوا ثلاثة عشر رجلًا" فنزلوا في دار بنت الحارث، ثم جاءوا إلى النبي -عليه السلام، "ورئيسهم الحارث بن عوف،" أي: بمهملة، فواو، ففاء- المري -بالراء- من فرسان الجاهلية المشهوريين, أسلم وعليه شيء من دمائها، فأهدره النبي -صلى الله عليه وسلم، وعند الواقدي، فقال -أي الحارث: يا رسول الله, إنا قومك وعشيرتك, إنا من لؤي بن غالب، فتبسَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقال له: "أين تركت أهلك"؟ قال: بسلاح -بكسر المهملة، ولام، وألف، ومهملة، وما والاها، "فقال لهم -عليه الصلاة والسلام: "كيف البلاد"؟ " أي: كيف أهلها، أو حالها، والأول أنسب بقوله، "فقالوا: والله إنا لمسنتون", أي: مجدبون، فأسنده لأهل البلاد، وإلّا لقال: إنها مسنتة، زاد في الرواية: وما في المال مخ، أي: المواشي, كنَّى بالمخ عن شدة هزالها، "فادع الله لنا، فقال -عليه الصلاة والسلام: "اللهم اسقهم الغيث" المطر، "ثم أقاموا أيامًا" فأرادوا الانصراف إلى بلادهم، فأتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- مودِّعين له، فأمر بلالًا، فأجاز كل واحد بعشرة أواق فضة، وفضَّل الحارث فأعطاه اثنتي عشرة أوقية، "ورجعوا بالجائزة، فوجدوا بلادهم قد أمطرت" بالبناء للمفعول، أي: أمطرها الله "في ذلك اليوم، الذي دعا لهم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم" وأخصبت بعد ذلك بلادهم، وقدم على المصطفى وهو يتجهز لحجة الوداع قادم منهم، فقال: يا رسول الله, رجعنا إلى بلادنا فوجدناها مصبوبة مطرًا في ذلك اليوم الذي