"ومن ذلك إبراء ذوي العاهات" أي: الآفات: جمع عاهة، وهي في تقدير فعلة، بفتح العين، "وإحياء الموتى" مصدر مضاف لمفعوله، والفاعل الله، أو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه سببه، وإن كان الفاعل الحقيقي هو الله، وهو من أعظم معجزاته صلى الله عليه وسلم، ولذا قال في البردة: لو ناسبت قدره آياته عظمًا ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم ومعناه: أنه لا يعد شيء من معجزاته عظيمًا بالنسبة إليه، إلا أن يكون كل أحد لو دعا باسمه وتوسل في إحياء الموتى، وقع له ذلك واستشكل، بأن منها القرآن، وفي حديث: آية من كتاب الله خير من محمد وآله، فكيف لا يكون فيها ما يناسب قدره شرفًا، وأجيب: بأن المراد ما أحدثه الله على يديه والقرآن صفة قديمة لله، لكن الحديث المذكور، قال الحافظ وغيره: لم أقف عليه، "وكلامهم له" بدون إحياء، فالعطف مغاير لا خاص على عام؛ كما توهم، "وكلام الصبيان" الذين لم يصلوا لسن التكلم، ولذا عطف على كلام الموتى؛ لأنه ليس من شأنهم الكلام، وأخره لأنهم أحياء، شأنهم الكلام في الجملة، فهو دونه مرتبة، "وشهادتهم له بالنبوة" أي: قول من في المهد أنك نبي الله ورسوله، وعطفه على ما قبله خاص على عام، وخصهم بالذكر؛ لأن نطقهم نفسه معجزة، وإيمان الموتى به بعد إحيائهم ليس مقصودًا بكونه معجزة، بل المقصود من حيث كونه معجزة نفس الإحياء، وإزالة المرض عن ذوي العاهات. "روى البيهقي في الدلائل" النبوية عن "أنه صلى الله عليه وسلم دعا رجلا إلى الإسلام، فقال: لا أؤمن بك حتى يحيي لي ابنتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرني قبرها" فأراه إياها، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا فلانة" أي: ناداها باسمها الخاص كما في رواية، فنسي الراوي اسمها، فكنى بفلانة،