للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت: لبيك وسعديك. فقال صلى الله عليه وسلم: أتحبين أن ترجعي؟ فقالت: لا والله يا رسول الله، إني وجدت الله خيرًا لي من أبوي، ووجدت الآخرة خيرًا لي من الدنيا.

وروى الطبري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الحجون كئيبًا حزينًا، فأقام به ما شاء الله ثم رجع مسرورًا قال: "سألت ربي عز وجل فأحيا لي أمي فآمنت بي ثم ردها".

وكذا روي من حديث عائشة أيضًا إحياء أبويه صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به، أورده السهيلي في الروض، وكذا الخطيب في السابق واللاحق


"فقالت" وقد خرجت من قبرها، "لبيك" إجابة لك بعد إجابة، "وسعديك" إسعادًا، لك بعد إسعاد، ومعناه سرعة الإجابة والانقياد، فقال صلى الله عليه وسلم: "أتحبين أن ترجعي"؟ كذا في نسخ وهي ظاهرة، وفي بعضها: أن ترجعين بالنون، وهي لغة؛ كقوله:
إن تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
"فقالت: لا والله يا رسول الله" لا أحب ذلك، "إني وجدت الله" حين انتقلت إلى دار كرامته "خيرًا لي من أبوي" وما عندهما "ووجدت الآخرة خيرًا لي في الدنيا" لما فيها من التعب، وفيه إن صح: أن أطفال الكفار غير معذبين، وهو الأصح، وهذه القصة أوردها في الشفاء، بلفظ: وعن الحسن، أي: البصري: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه طرح بنية له في وادي كذا، فانطلق معه إلى الوادي، وناداها باسمها: "يا فلانة أحيي بإذن الله تعالى"، فخرجت وهي تقول: لبيك وسعديك، فقال لها: "إن أبوك قد أسلما، فإن أحببت أن أردك عليها"؟، قالت: لا حاجة لي فيهما، وجدت الله خيرًا لي منهما، ولم يذكر مخرجه السيوطي من رواه.
"وروى الطبري" الحافظ، محب الدين، أحمد بن عبد الله، بن محمد المكي، فقيه الحرم ومحدثه، "عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الحجون" في حجة الوداع "كئيبًا حزينًا" صفة لازمة لكئيبًا، "فأقام به ما شاء الله" أن يقوم "ثم رجع مسرورًا، قال" يخاطب عائشة لا قالت له: نزلت من عندي وأنت باك، حزين، مغتم، فبكيت لبكائك، ثم إنك عدت إلي وأنت فرح متبسم، فمم ذاك يا رسول الله؟ قال: "سألت ربي عز وجل فأحيا لي أمي فآمنت بي، ثم ردها" إلى الموت، "وكذا روي من حديث عائشة أيضًا إحياء أبويه صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به" جميعًا، "أورده السهيلي في الروض، وكذا الخطيب في" كتاب "السابق واللاحق" أي: المتقدم والمتأخر، أي: المنسوخ والناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>