"وقال ابن كثير: إنه منكر" أي: ضعيف "جدًا" لا موضوع، فالمنكر من أقسام الضعيف، "وتقدم البحث في ذلك في أوائل المقصد الأول" وقدمت ثمة فوائد، وأن الصواب؛ أن الحديث ضعيف، فقد تجوز روايته في الفضائل والمناقب، كما عليه الخطيب، وابن عساكر، وابن شاهين، والسهيلي، والمحب الطبري، وابن المنير، وابن سيد الناس وغيرهم، لا موضوع كما زعم جماعة من الحفاظ، ولا صحيح كما جازف بعض. "وعن أنس: أن شابًا من الأنصار" لم يسم "توفي وله أم عجوز عمياء" إشارة إلى شدة حزنها لكبرها وعجزها المحوج لولدها، "فسجيناه" بمهملة وجيم: غطيناه أو كفناه، "وعزيناها" أي: صبرناها وسليناها بذكر ما لها من الأجر ونحوه، ولعل وجه المبادرة بتعزيتها وقت الموت، أنهم رأوا عندها جزعًا قويًا، "فقالت: مات" أي: أمات "ابني" فهمزة الاستفهام مقدرة، وقالت ذلك لأنها لم تعلم، أو لذهولها بالمصيبة، أو لذكر ما بعده، "قلنا: نعم، فقالت: اللهم إن كنت تعلم أني هاجرت إليك" لا ينافي أنه أنصاري؛ لأنه لا مانع أن أمه مهاجرة، أو الهجرة الانتقال من بلد إلى آخر، وقد تكون سكنت في مكان بعيد، فهاجرت منه، وإن كانت أنصارية نسبًا، "وإلى نبيك" الهجرة إلى الله بالهجرة إلى نبيه، وإلا فالله معها أينما كانت، "رجاء" بالنصب مفعول له، "أن تعينني" بالفوقية: خطابًا لله؛ لأنه هو المعين "على كل شدة" صعوبة، أي: على كل أمر شاق، وعلقته بأن المشعرة بعدم الجزم، باعتبار أن خلوصها في هجرتها مما يخفى على غيرها، ومن شأنه أن يشك فيه؛ لأنه لا يعلم ذلك، أو باعتبار القبول، أو تجاهلا رجاء للإجابة، "فلا تحملن" بمهملة، وشد الميم، ونون التأكيد، بمعنى: لا تكلفني، لأن التكليف كالحمل الثقيل، فاستعير له؛ كقوله: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} ، أو المعنى: لا تنزلن "علي هذه المصيبة" بدوام موت ولدها، فأسألك رفعها عني بإحيائه، "فما برحنا" بكسر الراء، أي: ما ذهبنا من مكاننا