للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن كشف الثوب عن وجهه فطعم وطعمنا. رواه ابن عدي وابن أبي الدنيا والبيهقي وأبو نعيم.

وعن النعمان بن بشير قال: كان زيد بن خارجة من سراة الأنصار، فبينما هو يمشي في طريق من طرق المدينة بين الظهر والعصر إذ خر فتوفي، فأعلمت به الأنصار، فأتوه فاحتملوه إلى بيته، وسجوه كساء وبردين، وفي البيت نساء من نساء الأنصار يبكين عليه، ورجال من رجالهم، فمكث على حاله


الذي كنا فيه، "أن كشف" ولدها "الثوب عن وجهه" بعدما غطى به، "فطعم" أكل "وطعمنا" أكلنا معه من طعام قدم لنا، وعاش إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي: أنه بقي بعده وهلكت أمه في حياته، ووجه ذكره في المعجزات؛ أنه أحيي بالدعاء باسمه صلى الله عليه وسلم وحضوره، فلا يقال: هذه كرامة لأم الشاب، "رواه ابن عدي، وابن أبي الدنيا، والبيهقي، وأبو نعيم" بهذا اللفظ، ورووه أيضًا عن أنس، بلفظ: كنا في الصفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتته عجوز عمياء مهاجرة، معها ابن لها، قد بلغ فلم يلبث أن أصابه وباء بالمدينة، فمرض أيامًا، ثم قبض، فغمضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره، أي: أنسًا بجهازه، فلما أردنا أن نغسله، قال: "يا أنس! ائت أمه فأعلمها"، فأعلمها، فجاءت حتى جلست عند قدميه، فأخذت بهما، ثم قالت: إني أسلمت إليك طوعًا، وخلعت الأوثان زهدًا، وهاجرت إليك رغبة، اللهم لا تشمت بي عبدة الأوثان، ولا تحملني في هذه المصيبة ما لا طاقة لي بحمله، فوالله ما انقضى كلامها حتى حرك قميه، وألقى الثوب عن وجهه، وطعم وطعمنا معه، وعاش حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وهلكت أمه.
"وعن النعمان بن بشير" بن سعد، بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، له ولأبيه صحبة، سكن الشام، ثم ولي إمرة الكوفة، ثم قتل بحمص سنة خمس وستين، وله أربع وستون سنة، قال: كان زيد بن خارجة" بالخاء المعجمة والجيم، ابن زيد الأنصاري الخزرجي، شهد أبوه أحدًا، وقتل بها هو وابنه سعيد بن خارجة، وشهد زيد بدرًا، ومات في خلافة عثمان، ذكر البخاري وغيره أنه الذي تكلم بعد الموت، وقيل: أبوه، وهو وهم؛ لأنه قتل بأحد، "من سراة" بفتح السين وفي نسخة: سروات، وكلاهما صحيح. قال المجد: السراة اسم جمع جمعه سروات، أي: أشراف "الأنصار" زاد ابن منده في روايته: وخيارهم، "فبينما هو يمشي في طريق من طرق المدينة" وفي رواية: في بعض أزقة المدينة، فالمراد: الطرق التي يسلك منها في المدينة، "بين الظهر والعصر، إذ خر" سقط من قيام، "فتوفى" مات، "فأعلمت به الأنصار، فأتوه فاحتملوه" من المكان الذي سقط فيه، وذهبوا به "إلى بيته، وسجوه كساء وبردين، وفي البيت نساء من نساء الأنصار يبكين عليه، ورجال من رجالهم، فمكث على حاله" مسجى كأنهم شكوا في

<<  <  ج: ص:  >  >>