"وأما مكاتباته عليه الصلاة والسلام" أي: بيان كتابته "إلى الملوك وغيرهم، فروي" عند ابن سعد وغيره عن ابن عباس "أنه لما رجع عليه الصلاة والسلام من الحديبية" في ذي الحجة سنة ست، "كتب إلى الروم" يدعوهم إلى الإسلام، أي: أمر بالكتب، فكتب وأراد إرساله، "فقيل له: إنهم لا يقرءون كتابا إلا أن يكون مختوما، فأخذ خاتما من فضة"، هكذا في رواية ابن سعد وغيره، وروى ابن عدي في هذه القصة، أنه عمل له خاتما من حديد، فجاء جبريل، فقال: انبذه من أصبعك فنبذه، فعمل له خاتما من نحاس، فأمره جبريل، فنبذه، فعمل له خاتما من فضة، فأقره جبريل، فإن صحا، فاقتصر من اقتصر على الفضة؛ لأنه الذي استقر عليه أمره، "ونقش فيه ثلاثة أسطر من محمد سطر ورسول" بالتنوين وعدمه على الحكاية "سطر والله" بالرفع والجر على الحكاية "سطر" ولابن سعد من مرسل ابن سيرين باسم الله محمد رسول الله. قال الحافظ: ولم يتابع على هذه الزيادة، وقول بعض الشيوخ -يعني الإسنوي: إن كتابته كانت من فوق، يعني الجلالة أعلى الأسطر الثلاثة، ومحمد أسفلها، فلم أر التصريح بذلك في شيء من الأحاديث، بل رواية الإسماعيلي يخالف ظاهرها ذلك، فإنه قال: محمد سطر، والسطر الثاني رسول، والسطر الثالث الله "وختم به الكتاب". قال الحافظ: ولم تكن كتابة الخاتم على الترتيب العادي، فإن ضرورة الختم به تقتضي أن الأحرف المنقوشة مقلوبة ليخرج الختم مستويا انتهى. وهو تعويل على العادة وأحواله -صلى الله عليه وسلم- خارجة عن طورها، بل في تاريخ ابن كثير عن بعضهم أن كتابته كانت مستقيمة، وكانت تطبع كتابة مستقيمة، وفي رواية ابن سعد وغيره، فخرج ستة نفر في يوم واحد، وأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعث إليهم، "وإنما كانوا لا يقرءون الكتاب" إذا ورد عليهم، "إلا مختوما" بأن يطوى، ويجعل عليه ما يمنع فكه، ثم