"وعن أنس أن ختم كتاب السلطان"، أي: من له سلطنة، فيشمل الأمراء، "والقضاة سنة متبعة"، وقول الصحابي: من السنة، كذا له حكم الرفع، كما في الألفية وغيرها، فأفاد أنس أنه مطلوب، "و" لذا، "قال بعضهم: هو سنة لفعله -صلى الله عليه وسلم"، فمؤدى العبارتين واحد، لا أن قول أنس إخبار عن مجرد الاعتياد، وأن كلام بعضهم مقابل له كما توهم، ثم عطف على قوله: كتب إلى الروم من عطف المفصل على المجمل لبيان المكتوب له، منهم قوله: "فكتب إلى قيصر المدعو"، أي المسمى، "هرقل" بكسر الهاء، وفتح الراء، وسكون القاف على المشهور في الروايات، وحكى الجوهري وغيره سكون الراء، وكسر القاف، وجزم به القزاز وغيره، علم له غير منصرف للعلمية والعجمة ما في الفتح لقب قيصر بالقاف غير صافية في لغتهم من القصر، وهو القطع في لغتهم؛ لأن أحشاء أمه قطعت حتى خرج منها؛ لأنها لما طلقت به ماتت، فبقر بطنها عنه، فخرج حيا وكان يفخر بذلك، لأنه لم يخرج من فرج، وكان شجاعا جبارا مقداما في الحروب، كذا ذكره العيني وغيره، ولا يشكل بقولهم: قيصر اسما لكل ملك الروم؛ لأن المراد من هرقل فمن بعده، ولا يشكل بقوله: لله إذا هلك قيصر، فلا قيصر بعده، لأن المراد في إقليمه الذي كان فيه، أو يملك مثله، أو غير ذلك مما أجابوا به "ملك الروم يوم ذاك" الكتب، وليس المراد خصوص يوم معين؛ لأن العرب تريد باليوم مطلق الزمن، وقد ذكروا أنه ملك الروم إحدى وثلاثين سنة، وفي ملكه مات -صلى الله عليه وسلم، "ثم قال بعد تمام الكتابة: "من ينطلق بكتابي هذا إلى هرقل، وله الجنة" " مع السابقين، أو بلا حساب، "فقالوا: وإن لم يصل يا رسول الله" بأن منعه مانع من موت، أو غيره عن الوصول، "قال: وإن لم يصل"؛ لأن نيته الوصول، وهو خير من العمل، وفي رواية الحارث بن أبي أسامة بلفظ يقتل في الموضعين، ثم يحتمل أنه بفوقية من القتل، أو بموحدة من القبول، كأنهم استعظموا هذا الجزاء العظيم، وإن عاد الذاهب سالما، أو لم يقبل هرقل