قال الحافظ: بكسر الدال وفتحها لغتان، ويقال: إنه الرئيس بلغة اليمن "ابن خليفة الكلبي" الصحابي الجليل، كان من أحسن الناس وجها، وأسلم قديما، "وتوجه به إلى مكان فيه هرقل"، وهو بيت المقدس، كما في الصحيح، وعنده في الجهاد أن الله لما كشف عن هرقل جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله. زاد ابن إسحاق: فكان يبسط له البسط، وتوضع عليها الرياحين، فيمشي عليها. وعند الطبري، وابن عبد الحكم من طرق متعاضدة أن كسرى أغزى جيشه بلاد هرقل، فخربوا كثيرا منها، ثم استبطأ كسرى أميره، فأراد قتله وتولية غيره، فاطلع أميره على ذلك، فباطن هرقل، واصطلح معه على كسرى، وانهزم عنه بجنوده، فمشى هرقل إلى بيت المقدس شكرا، وعند ابن إسحاق عن أبي سفيان: لما كانت الهدنة, خرجت تاجرا إلى الشام مع رهط قريش، فقال هرقل لصاحب شرطته: قلب الشام ظهر البطن حتى تأتي برجل من قوم هذا الرجل أسأله عن شأنه، فوالله إني وأصحابي بغزة إذ هجم علينا، فساقنا جميعا، فذكر الحديث بنحو ما في الصحيح أنهم أتوه، وهو بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وحوله عظماء الروم، وعليه التاج الحديث في الأسئلة والأجوبة، وفيه: ثم دعا بكتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه. قال في الفتح: بصرى -بضم الموحدة والصر- مدينة بين المدينة ودمشق، وقيل: هي حوران وعظيمها هو الحارث بن أبي شمر الغساني، وفي الصحابة لابن السكن أنه أرسل بكتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل مع عدي بن حاتم، وكان عدي إذ ذاك نصرانيا، فوصل به هو ودحية معا. وروى البزار أن دحية نفسه ناول الكتاب لقيصر، ولفظه: بعثني -صلى الله عليه وسلم- بكتاب إلى قيصر، فقدمت عليه، وأعطيته الكتاب، "ولفظه: بسم الله الرحمن الرحيم"، فيه استحباب تصدير الكتب بالبسملة، وإن كان المبعوث إليه كافرا، وأجيب عن تقديم سليمان اسمه بأنه إنما ابتدأه بالبسملة، وكتب اسمه عنوانا بعد ختمه؛ لأن بلقيس إنما عرفت كونه من سليمان بقراءة عنوانه، ولذا قالت: وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، فالتقديم واقع في حكاية الحال "من محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم"، فيه أن السنة أن يبدأ الكاتب بنفسه، وهو قول الجمهور، بل حكى فيه النحاس إجماع الصحابة. قال الحافظ: والحق إثبات الخلاف، وفيه أن من التي لابتداء الغاية تأتي في غير الزمان