ونسأل الله من فضله حسن الخاتمة في عافية بلا محنة، والفوز بالجنة, والنجاة من النار بوجاهة الحبيب المختار, "عن عائشة" رضي الله عنه تعالى عنها "قالت: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم" هو ثوبان أو عبد الله بن زيد الأنصاري، كما يأتي "فقال: يا رسول الله, إنك" والله "لأحب" فاللام جواب قسم مقدَّر "إليَّ من نفسي, وإنك لأحب إليَّ من أهلي, وإنك لأحب إليَّ من ولدي". زاد في رواية: ومالي، ولا يلزم من تقديمه على نفسه تقديمه على من بعده؛ لأن الإنسان قد يسمح بموت نفسه عند حصول المشاق دون ولده, حرصًا على بقاء العقب، وهذا هو الإيمان الكامل المشار إليه بحديث: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين" ودخل في عموم الناس نفسه، ونصَّ عليها في حديث آخر. كما مَرَّ بسط ذلك في مقصد المحبة, وأنَّ لها علامات كثيرة، منها: أنه لو خُيِّرَ بين فقد غرض من أغراضه وبين رؤيته -عليه السلام، لو أمكنته- لكانت أشد عليه من فقد غرضه، فهو كامل الحب، ومن لا فلا. قال القرطبي: كل من آمن به -صلى الله عليه وسلم- إيمانًا صحيحًا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبَّة الراجحة, ولكنَّهم يتفاوتون فيها تفاوتًا ظاهرًا, فمنهم من أخذ بالحظ الأوفى, ومنهم أخذ بالأدنى؛ لاستغراقه في الشهوات وحجبه بالغفلات، لكن الكثير منهم إذا ذكره -صلى الله عليه وسلم- اشتاق إلى رؤيته؛ بحيث يؤثرها على أهله وماله وولده, ويُلْقِي نفسه في الأمور الصعبة، ومن ذلك من يؤثر زيارة قبره ومواضع آثاره على جميع ما ذكر؛ لما ثبت في قلوبهم من محبته, غير أن ذلك سريع الزوال لتوالي الغفات. انتهى. "وإني لأكون في البيت" أي: بيتي "فأذكرك" أي: أتذكرك في ذهني وأتصورك, أو أذكر اسمك وصفاتك، فهو من الذََّكر بالكسر أو الضم, "فما أصبر" عن رؤيتك للجزع والقلق الزائدين "حتى آتيك فأنظر إليك" فتطمئنّ نفسي وينشرح صدري، فقوله: "إنك لأحب، أي: أوثر محبتك حبًّا اختيارًا إيثارًا لك على ما يقتضي العقل رجحانه من حبِّك إكرامًا لك, وإن كان حب نفسي وولدي وغيرهما مركوزًا في غريزتي, "وإذا" وفي رواية: "وإني "ذكرت موتي