للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الضحى: ٥] قال: أعطاه في الجنة ألف قصر, وفي كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والدم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريقه، ومثل هذا لا يقال إلّا عن توقيف، فهو في حكم المرفوع.


عباس "وفي كل قصر" من الألف "ما ينبغي" ما يليق "له من الأزواج والخدم".
رواه ابن جرير محمد الطبري "وابن أبي حاتم من طريقه, ومثل هذا" من الإخبار عن الغيب "لا يقال إلّا عن توقيف" من النبي -صلى الله عليه وسلم, فهو في حكم المرفوع" وإن كان موقوفًا لفظًا، وهكذا كل ما جاء عن صحابي إن أمكن كونه رأيًا, فليس له حكم الرفع، وإلّا فله حكمه، وليس المراد حصر ما أعطاه فيما ذكر؛ لأن الآية دلَّت على أنه يعطيه كل ما يرضيه مما لا يعلم حقيقته إلا الله.
وقد روى الديلمي في الفردوس عن عليٍّ قال: لما نزلت قال -صلى الله عليه وسلم: "إذن لا أرضى وواحد من أمتي في النار".
ولأبي نعيم في الحلية عن عليٍّ في الآية قال: ليس في القرآن آية أربى منها, ولا يرضى -صلى الله عليه وسلم- أن يدخل أحد من أمته النار. وقوله: "ولا يرضي" موقوف لفظًا مرفوع حكمًا، ولا يشكل بما صح أن بعض بعض العصاة من أمته يدخل النار، وأنه تعالى يحد له -صلى الله عليه وسلم- حدًّا يشفع فيهم، فلا يدع أحدًا منهم, ولا يزيد على من أذن له في الشفاعة فيه، كما مَرَّ قريبًا, ولا شَكَّ أنه يرضى بما يرضى ربه؛ لأنه لا يبعد أن تعذيب العصاة غير مرضي لله, فلا يرضى به رسوله، فإذا لم يرض به لعدم رضا ربه شفعه فيهم، فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، أو لا يرضى دخولهم على وجه الخلود، وإنما قال: أن يدخل دون أن يخلد قصد الإرادة نفي الرضا بالخلود عن نهج المبالغة والاستدلال, أو لا يرضى دخولهم النار دخولًا يشدد عليهم العذاب فيه، بل يكون خفيفًا لا تسود وجوهم ولا تزرق أعينهم كما وردت به الأحاديث، فهو تعذيب كتأديب الحشمة، بل قال -صلى الله عليه وسلم: "إنما حر جنهم على أمتي كحر الحمام".
أخرجه الطبراني برجال ثقاتٍ من حديث الصديق، وللدارقطني عن ابن عباس رفعه: "إن حظَّ أمتي من النار طول بلائها تحت التراب" وقيل، غير ذلك في توجيه الحديث.
وإن كان ضعيفًا لتعدد طرقه كما سبق في المقصد السادس، وأنه لا وجه لقول المصنف هناك تبعًا لابن القيم: إنه افتراء لمخالفة حديث الشفاعة؛ لأنه إبطال للروايات بأوهام الشبهات، ولأنَّ تعليل الحديث بالافتراء ودعوى الكذب لا يكون بمخالفة ظاهر القرآن فضلًا عن الحديث، وإنما يكون من جهة الإسناد كما صرَّح به الحافظ ابن ظاهر وغيره، وللبزار والطبراني وأبي نعيم بسند حسن، كما قال المنذري عن على: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أشفع لأمتي حتى يناديني ربي -تبارك وتعالى: أرضيت يا محمد، فأقول: أي رب رضيت".

<<  <  ج: ص:  >  >>